المثنّى بن بشر بالبصرة وعسكروا بالزابوقة (١) موضع مدينة الزرق ، وعلى البصرة يومئذ عبد الله بن الحارث ، فاجتمعت إليه القبائل فطلبوا إليه أن يخرج عنهم حيث أحبّ ، فلحق بسليمان بن صرد ، وخرج سعد (٢) بن حذيفة بالمدائن ، فسار ابن زياد ، فلقي سليمان بن صرد ومعه التوّابون بعين الوردة من بلاد الجزيرة في جمادى الآخرة ، فقتل سليمان بن صرد والمسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن وال التيمي تيم اللات بن ثعلبة.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو الحسين الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا الطبري قال (٣) : حدّثت عن هشام بن محمّد قال : قال أبو مخنف ، نا فروة بن لقيط ، عن مولى المسيّب بن نجبة الفزاري قال : لقيته بالمدائن وهو مع شبيب بن يزيد الخارجي ، فجرى الحديث حتى ذكرنا أهل عين الوردة.
فقال هشام عن أبي مخنف قال : حدّثني هذا الشيخ ، عن المسيّب بن نجبة قال : والله ما رأيت أشجع منه إنسانا قط ، ولا من العصابة التي كان فيهم ، ولقد رأيته يوم عين الوردة يقاتل قتالا شديدا ، ما ظننت أن رجلا واحدا يقدر أن يبلي ما أبلى ، ولا ينكأ في عدوه مثل ما نكأ ، ولقد قتل رجالا ، قال : وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتلهم :
قد علمت ميالة الذّوائب |
|
واضحة اللّبّات والترائب |
أنّي غداة الروع والتغالب |
|
أشجع من ذي لبد مواثب |
قطاع أقران مخوف الجانب |
وقال المسيّب بن نجبة فيما حكاه أبو زيد عمر بن شبّة النميري له :
لست كمن خان ابن عفّان منهم |
|
ولا مثل من يعطي العهود فيغدر |
ولكنّ نبغي جنّة أتقي بها |
|
لعلّ ذنوبي عند ربي تغفر |
شهدت رسول الله بالحقّ قلّما |
|
يبشّر بالجنّات والنار ينذر |
أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو العباس ، أنا أبو القاسم ابن الأشقر ، نا البخاري ، نا عمر بن حفص ، نا أبي ، نا الأعمش ، نا عدي بن ثابت قال :
__________________
(١) الزابوقة موضع قريب من البصرة (معجم البلدان).
(٢) في «ز» : سعيد.
(٣) رواه الطبري في تاريخه ٥ / ٥٩٩ حوادث سنة ٦٥ ه.