وهم يرجفون به ، فحمل زياد مصقلة إلى معاوية وكتب إليه مصقلة : كان يجمع مراقا من مراق أهل العراق ، فيرجعون بأمير المؤمنين ، وقد حملته إليك ليرى عافية الله إياك ، فقدم مصقلة ، وجلس معاوية للناس ، فلما دخل مصقلة قال له معاوية : ادن ، فدنا ، فأخذ بيده ، وجبذه ، فسقط مصقلة ، فقال معاوية :
أبقي الحوادث من خليل |
|
ك مثل جندلة المراجم |
قد رامني الأقوام قبل |
|
ك فامتنعت من المظالم |
فقال مصقلة : يا أمير المؤمنين ، قد أبقى الله منك ما هو أعظم من ذلك حلما وكلأ ومرعى لأوليائك ، وسمّا نافعا لعدوك فمن يرومك كانت الجاهلية ، وأبوك سيد المشركين ، وأصبح الناس مسلمين وأنت أمير المؤمنين ، وأقام مصقلة ، فوصله معاوية وأذن له ، فانصرف إلى الكوفة ، فقيل له : كيف تركت معاوية؟ قال : زعمتم أنه لما به ، والله لغمز يدي غمزة كاد يحطمها ، وجبذني جبذة كاد يكسر مني عضوا.
قرأنا على أبي الفضل عبد الواحد بن إبراهيم بن قرة ، عن عاصم بن الحسن العاصمي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن صالح القرشي ، حدّثني عون بن كهمس القيسي ، حدّثني أبي قال :
أتت ابنة النعمان مصقلة بن هبيرة ، وقد قدم من أصبهان بمال ، فبكت فقال : ما يبكيك؟ ألم نحسن نزلك؟ قالت : بلى ، ولكن بكيت من غير ذلك ، قال : ذكرت مالك وأبيك وما كنت فيه؟ قالت : لا ، قال : فما يبكيك؟ قالت : لما أرى بك من الحبرة وليس من حبرة إلّا ستعقبها عبرة.
وبلغني أنّ معاوية ولّى مصقلة (١) طبرستان.
فأخبرني أبو محمّد بن الأكفاني ـ شفاها ـ أن عبد العزيز بن أحمد أجاز لهم ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر ، أنا محمّد بن عبد الله الربعي ، أنا عبد الله بن أحمد الفرغاني ، نا محمّد بن جرير (٢) ، أخبرني أحمد (٣) بن زهير ، عن علي بن محمّد ، عن كليب بن خلف قال :
__________________
(١) استدركت على هامش الأصل.
(٢) رواه الطبري في تاريخه ٦ / ٥٣٥ ـ ٥٣٦.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «محمد» والمثبت عن «ز» ، وم ، ود ، وتاريخ الطبري.