قرأت بخط أبي الحسين الرّازي ، حدّثني محمّد بن أحمد بن غزوان ، نا أحمد بن المعلّى ، نا صالح بن البختري ، حدّثني النضر بن يحيى قال :
وقبل أن ينصرف ابن بيهس في علته إلى حوران ، جمع رؤساء بني نمير فقال لهم : قد كان من علّتي ما ترون ، فارفقوا ببني مروان بن الحكم ، والطفوا بهم ، وعليكم بمسلمة بن يعقوب بن علي بن محمّد بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ، فإنه ركيك ، وهو ابن أختكم ، فأعلموه أنكم لا تثقون ببني أبي سفيان وأنكم تثقون به ، وتبايعونه ، ثم أنشدهم :
كيدوا العدو بأن تبدوا مباعدتي |
|
ولا تنوا في الذي فيه لهم تلف |
وكاتبوني بما تأتون من هنة |
|
حتى تكون إليّ الرّسل تختلف |
فاجتمعت بنو نمير إلى مسلمة بن يعقوب ، فكلّموه وبذلوا له البيعة ، فقبل منهم وجمع مواليه وأهل بيته ، فدخل إلى أبي العميطر في الخضراء ، كما كان يدخل للسلام عليه ، وقد أعدّ لحجاب أبي العميطر عدادهم ، فلمّا سلّم عليه وجلس معه في الخضراء قبض على أبي العميطر فشدّه في الحديد ، وبعث إلى رؤساء بني أمية عن لسان أبي العميطر يأمرهم بالحضور ، فجعل كلّ من دخل يقال له : بايع ، والسيف على رأسه ، فيبايع (١) ، وأدنى مسلمة القيسية ، ولبس الثياب الحمر ، وجعل أعلامه حمراء ، وأقطع بني نمير ضياع المرج ، وجعل لكلّ رجل من وجوه قيس بمدينة دمشق منزلا ، وولّاهم ، فقال له أبو العميطر يوما وقد دعا به وهو مقيّد ، فنظر إلى قيس في الثياب الحمر ، ومسلمة كذلك ، فقال له : لو حمّرت استك كان خيرا لك ، فأمر به ، فسحب وخرج ابن بيهس من العلة ، فجمع جماعة وأقبل يريد دمشق ، فقال (٢) مسلمة بن يعقوب لمن معه من هوازن : هذا صاحبكم ، يريد بنا ما فعل بأبي العميطر ، فقالوا له : ما هو لنا بصاحب ، وما نعرف (٣) غيرك ، وهذه سيوفنا دونك ، وأنشده بعضهم :
ستعلم نصحنا إن كان كون |
|
وتعلم أنّنا صبر كرام |
حماة دون ملكك غير ميل |
|
إذا ما جدّ بالحرب احتدام |
وسوف نريك في الأعداء ضربا |
|
يطير سواعد منهم وهام |
وطعنا في النحور بدابلات |
|
طوال في أسنّتها الحمام |
__________________
(١) بالأصل وبقية النسخ : فبايع.
(٢) أقحم بعدها بالأصل : له.
(٣) بالأصل وم : «يعرف» والمثبت عن د ، و «ز».