المقدمة الثانية
إن جبل عامل ، القطر المعروف الذي سبق تحديده الجغرافي غير ما مرة في مجلة العرفان وفي غيرها ، وما كان ذلك التحديد مراعى فيه الوحدة الإدارية والسياسية الغالبة ، كانت تعمل فيه بسطا وقبضا وأخذا وردا وجزرا ومدا ، بل كان يراعى فيه الأثر التاريخي في أكثر الأحايين ، وهو ما نكتب له.
أما السياسة فقد انتقصت كثيرا من أطرافه في كثير من الأزمان ، فكانت تلك الأطراف المنتقصة منه تحت ولايتها الغالبة ، ولكن التاريخ العاملي لم يعترف بذلك الانتقاص المغلوب عليه ، وما زال يدرجها في جريدة البلاد العاملية.
كانت جزين وما إليها عاملية ووقعت في أيدي ولاة الاقطاع من الجنبلاطيين ، ومشغرة وكرك نوح حتى بعلبك عاملية ، وكانت بتصرف الأمراء الحرافشة ، وهكذا الحال إلى أن دخلت جزين وما إليها في لبنان القديم ، ومشغرة وبعلبك وما إليهما في ولاية الشام ، وانتهى الأمر في جبل عامل من حيث وحدة الإدارة حتى آخر العهد العثماني بثلاث قائمقاميات صيدا وصور ومرجعيون ، منضمة إلى الأخيرة الحولة ، وبلغ إلى ذلك العهد مجموع قراه ودساكره ثلاثمائة وعشرين قرية ودسكرة ونيفا ونفوسه زهاء الثمانين ألفا ، وهكذا استقر على هذه الحال من حيث تحديده الإداري إلى أوائل الاحتلال ، وإلقاء الحرب العامة أوزارها ، ولكن بشيء من التغيير في