نوح ، لأن فيها قبره ، وهو ضريح طويل منقور في صخر ينسب بناؤه الحاضر إلى بيبرس البندقداري ، وقد زاره كما زاره كثير من الملوك والأمراء ، وطول القبر ١٣٠ قدما وهو مزار للشيعيين ، وهناك آثار قديمة تدل على أبنية رومانية وغيرها ، وكانت هذه القرية أشبه بمدينة حصينة جرت إليها مياه نهر البردوني ، الذي يخترق زحلة ، ثم صارت قرية في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد ، انتقلت من يد الأمراء الحرفوشيين إلى الشهابيين ، وأول من وقعت في يده منهم هو الأمير بشير الشهابي وكان قد توسط في أمرها جرجس باز لدى الأمير جهجاه الحرفوشي ثم عدل عن ذلك إلى أن كانت سنة ١٨٠٧ حيث عزل إبراهيم باشا عن ولاية الشام وخلفه كنج يوسف باشا ، فبينما كان يتأهب لإرسال الخلع إلى الأمير جهجاه المذكور بولاية بعلبك تغير وعدل عن قصده ، فجمع جهجاه رجاله وألقى الفتن ليظهر للوزير أنه لا يمكن لغيره أن يحفظ زمام الأحكام ويدبر شؤون تلك الجهة فأرسل إليه الخلع وكان ذلك بتوسط الأمير بشير الشهابي الكبير وجرجس باز ، ولما كان يعلم الأمير جهجاه برغبة الأمير بشير بأخذ الكرك ، كتب له بها وثيقة ببيعها إلى أولاده الأمراء قاسم وخليل وأمين ، ومن ذلك الحين أصبحت ملك الشهابيين ، وقد هنأه بذلك شاعره نقولا الترك من قصيدة :
كما كرك البلاد بك استجارت |
|
فعزت وازدهت بعد الإهانة |
وقد جاءت براءتها تنادي |
|
جهارا انها لك ما لكانه |
مأخوذ ذلك عن دواني القطوف (١).
وقد حصنها الأمير فخر الدين المعني كما حصن كثيرا من القلاع وبنى ما بنى من الحصون. وفي سنة ١٠٣٣ ه / ١٦٢٣ م سار إليها الأمير علي بن الأمير فخر الدين المعني بأمر والده بجيشه ، وكان يرابط فيها مائة رجل من
__________________
(١) عيسى اسكندر المعلوف : دواني القطوف ، ص ٢٣١ وص ٣٧٢ حاشية (١).