على السين ـ وسبعون ذراعا ، وطول الشامية الغربية المعروفة بالخشبية اثنان وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين فيهما ـ كل ذلك من أعلى الهلال إلى الأرض الخارجة عن المسجد ، وبه يعلم أن المنارات التي كانت في زمن ابن زبالة ليست هي الموجودة اليوم.
قال المطري : ولم يزل المسجد على ثلاث منارات إلى أن جددت المنارة الرابعة ، وذكر في موضع آخر تجديدها ، فقال بعد ذكر خوخة مروان المتقدم ذكرها في ركن المسجد الغربي : إنه شاهد الخوخة المذكورة عند بناء المنارة الكبيرة المتجددة في سنة ست وسبعمائة ، أمر بإنشائها السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون.
قال المطري : وكان باب الخوخة عليها ، وهو من ساج ، فلم يبل إلى هذا التاريخ ، كان مروان يدخل من داره إلى المسجد منها ، وقد انسدت ـ يعني الخوخة ـ بحائط المنارة الغربي اه.
قلت : وقد ذكر البدر بن فرحون بناء هذه المنارة فإنه أدرك ذلك ، وذكر أنه لم يوجد عند الحفر أثر لما ذكر من وجود منارة قبلها ، فقال ما ملخصه ؛ إنه لما حج سلار وبيبرس كلمهما شيخ الخدام شبل الدولة كافور المظفري المعروف بالحريري في بناء المنارة التي بباب السلام اليوم ، فأنعما (١) ، ثم خشي أنهما يشتغلان عن ذلك ويستثقلان النفقة ، فقال : أنا لا أطلب منكم مالا ، عندي من قناديل الذهب والفضة ما يقوم بها وزيادة ، فأنعما له بإرسال الصناع ، وأمر بالحفر لها في مكانها اليوم ، فلم ينزلوا إلا قليلا إذ وجدوا باب مروان ابن الحكم أسفل من أرض المسجد بقدر قامة ، ثم وجدوا تحصيب المسجد في أيام مروان بالرمل الأسود يشبه أن يكون من جبل سلع ، ثم نزلوا في الأساس حتى بلغوا الماء ، ثم أمر الحريري من كان بالمدينة يتعانى البناية كالشيخ إبراهيم البنا والشيخ علي الفراش الحجار وغيرهما ممن ليس له في البناية كبير قدم ، فدكوا الأساس ، فلما حضر الصناع في الموسم قال مقدمهم للشيخ : لا تبنى حتى تنقض ذلك ، فإنّا لا نأمن عاقبته ، فامتنع الشيخ ، فرجع إلى مصر من حينه ، فقال الشيخ لمن كان معه من المعلمين : اعملوا أنتم ، فعملوها على ما هي عليه اليوم ، وعمّ نفعها ؛ لأنها متوسطة المدينة حتى إن رئيس المؤذنين محمد بن إبراهيم قال لي : لو تركت لي هذه المأذنة لكفيت المدينة ، وهو حق ؛ فإن امتداد المدينة وقوة عمارتها من جهة المغرب ، يعني في محاذاة المنارة المذكورة.
قال : وكان بعض المؤرخين يذكر أنه كان هناك مأذنة مشرفة على دار مروان ، فهدمها
__________________
(١) أنعم فلان : أحسن وزاد. و ـ صار في النعيم.