جعل المسجد مائة وستين ذراعا ، فإن ذلك يقتضي أن يكون نهايته في جهة الشام يقرب من أربعة عشر أسطوانة من المربعة المذكورة ، فيتحصل من ذلك أن زيادة الوليد على ما ذكر في زيادة عثمان رضياللهعنه أربعون ذراعا ، وأن زيادة المهدي نحو خمسة وخمسين ذراعا فقط ؛ فيكون للمهدي نحو ستة أساطين في مؤخر المسجد ، لكن سيأتي في ذكر أبواب المسجد ما يقتضي أن الباب الذي كان يواجه دار خالد بن الوليد كان مكتوبا عليه : زيادة المهدي ، وكذا الباب الذي بعده في الشام عليه ما يقتضي ذلك ، وكذا البابان المقابلان لهما في جهة المغرب ، دون ما قبل ذلك من الأبواب ، وذلك يقتضي ترجيح رواية أنه زاد في المسجد مائة ذراع ، وقد رأيت في المسقف الشرقي أسطوانة هي التاسعة من جدار المسجد الشامي مربع أسفلها مرتفع عن الأرض بقدر الجلسة ، وهي محاذية لما وصفوه من الباب المقابل لدار خالد بن الوليد ، فإن صحت هذه الرواية فهي علامة على ابتداء زيادة المهدي ، والله أعلم.
وقال ابن زبالة ويحيى في روايتهما المتقدمة أيضا : وكان ـ يعني المهدي ـ قبل بنيانه قد أمر به ، فقدّروا ما حوله ، فابتيع ، وكان مما أدخل في المسجد من الور دار مليكة.
قال ابن زبالة : وأخبرني إبراهيم بن محمد الزهري عن أبيه قال : كانت دار مليكة لعبد الرحمن بن عوف ، وإنما سميت دار مليكة لأن عبد الرحمن أنزلها مليكة ابنة خارجة بن سنان ، فغلب عليها اسمها ، ثم باعها بنو عبد الرحمن بن عوف من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فباعها عبد الله حين بناء المسجد ، فأدخل بعضها في المسجد ، وبعضها في رحبة المسارب ، وبعضها في الطريق ، قالوا : وأدخل دار شرحبيل بن حسنة وكانت صدقة ، فابتاعوا دورا ومنازل فأوقفوها صدقة وبقيت منها بقية ، فابتاعها منهم يحيى بن خالد بن برمك فدخلت في الحش حش طلحة.
قلت : وقد ذكر ابن شبة دار مليكة وقال : فباعها عبد الله من معاوية رضياللهعنه ، فصارت في الصوافي ؛ فأدخلها المهدي في المسجد ، وذكر دار شرحبيل هذه في ترجمة علم دور أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم بالمدينة : أي غير الحجر ، فقال : قال أبو غسان : اتخذت أم حبيبة بنت أبي سفيان رضياللهعنها الدار التي يقال لها دار آل شرحبيل ، فوهبتها لشرحبيل بن حسنة ، فلم تزل لبنيه حتى باعوا صدرها من المهدي فزادها في مؤخر مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم سنة إحدى وستين ومائة ، ثم ذكر ما سنورده في ذكر الدور المطيفة بالمسجد.
وقال ابن زبالة عقب ما تقدم : وأدخل بقية دار عبد الله بن مسعود التي يقال لها دار القراء ، ودار المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة.
قلت : ذكر ابن شبة هذه الدار في دور بني زهرة ، فقال : واتخذ مخرمة بن أهيب بن نوفل دارا ، وهي في زاوية المسجد عند المنارة الشرقية اليمانية ، فاشترى المهدي بعضها