أصلحك الله! إنك إن قمت قام الناس معك ، فلو أمرت رجلا أن يصلحها ، ورجوت أن يأمرني بذلك ، فقال : يا مزاحم ـ يعني مولاه ـ قم فأصلحها.
ونقل الأقشهري عن الرشيد أبي المظفر الكازروني شارح المصابيح أنه قال : سألت جمعا من العلماء عن سبب ستر القبور عن أعين الناس : أي باتخاذ جدار لا باب له ، فذكر بعضهم أنه لما مات الحسن بن علي أوصى أن تحمل جنازته ويحضر بها قبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم يرفع ويقبر في البقيع ، فلما أراد الحسين أن يجيز وصيته ظن طائفة أنه يدفن في الحضرة ، فمنعوه وقاتلوه ، فلما كان عبد الملك أو غيره سدوا وستروا.
وقال أبو غسان فيما حكام الأقشهري : أخبرني الثقة عن عبد الرحمن بن مهدي عن منصور بن ربيعة عن عثمان بن عروة قال : قال عروة : نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن لا يجعل في المسجد أشد المنازلة ، فأبى ، وقال : كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه ، قال : فقلت : فإن كان لا بد فاجعل له حوجوا (أي : وهو الموضع المزور خلف الحجرة).
وروى ابن زبالة عن محمد بن هلال وعن غير واحد من أهل العلم أن بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي فيه قبره صلىاللهعليهوسلم الذي فيه قبره ، وهو بيت عائشة الذي كانت تسكن ، وأنه مربع مبني بحجارة سود وقصة الذي يلي القبلة منه أطوله ، والشرقي والغربي سواء ، والشامي أنقصها ، وباب البيت مما يلي الشام ، وهو مسدود بحجارة سود وقصة ، ثم بنى عمر بن عبد العزيز على ذلك البيت هذا البناء الظاهر ، وعمر بن عبد العزيز زوّاه لأن يتخذه الناس قبلة تخص فيه الصلاة من بين مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقال : «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ـ الحديث» قالوا : والبناء الذي حول البيت بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينه وبين البناء الظاهر اليوم مما يلي المشرق ذراعان ، ومما يلي المغرب ذراع ، ومما يلي القبلة شبر ، ومما يلي الشام فضاء كله ، وفي الفضاء الذي يلي الشام مركن مكسور (١) ومكيل خشب ، قال عبد العزيز بن محمد : يقال إن البنائين نسوه هناك ، انتهى.
وروى يحيى عن أبي غسان محمد بن يحيى قال : سمعت من يقول في الحظار الذي على قبر النبي صلىاللهعليهوسلم مركن وخشبة وحديدة مسندة ، قال محمد بن يحيى : وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد : هو مركن تركه العمال هناك ، وقال محمد بن يحيى ـ يعني أبا غسان ـ فأما أنا فإني أطلعت في الحظار فلم أر شيئا ، فزعم لي زاعم أنه قد رأى ثم المركن وشيئا موضوعا مع
__________________
(١) المركن : وعاء تغسل فيه الثياب (ج) مراكن.