من رجل يناولني ، فكشف عمر بن عبد العزيز ساقيه يريد يدخل ، فكشف القاسم بن محمد ، فكشف سالم بن عبد الله ، فقال عمر : مالكم؟ فقالوا : ندخل والله معك ، قال : فلبث عمر هنيهة ثم قال : والله لا نؤذيهم بكثرتنا اليوم ، ادخل يا مزاحم فناوله ، فقال عمر : يا مزاحم كيف ترى قبر النبي صلىاللهعليهوسلم؟ قال : متطأطئا ، قال : فكيف ترى قبر الرجلين؟ قال : مرتفعين. قال : أشهد أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورواه رزين عن عبد الله المذكور باختصار ، وخالف سياق يحيى في وصف القبور كما سيأتي التنبيه عليه ، وقال فيه : فأخبرت بذلك عمر ، فجاء فأمر به فستر بالقباطي ، وذكره بنحوه.
وفي العتبية : قال مالك : انهدم حائط بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي فيه قبره ، فخرج عمر بن عبد العزيز واجتمعت رجالات قريش ، فأمر عمر بن عبد العزيز فستر بثوب ، فلما رأى ذلك عمر بن عبد العزيز من اجتماعهم أمر مزاحما أن يدخل ليخرج ما كان فيه ، فدخل فقمّ ما كان فيه من لبن أو طين ، وأصلح في القبر شيئا كان أصابه حين انهدم الحائط ، ثم خرج وستر القبر ثم بنى ، انتهى.
وروى البخاري في الصحيح من حديث هشام بن عروة عن أبيه ، قال : لما سقط عنهم الحائط زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه ، فبدت لهم قدم ، ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فما وجدوا أحدا يعلم ذلك ، حتى قال لهم عروة : لا والله ما هي قدم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وما هي إلا قدم عمر.
ويستفاد مما تقدم أن السبب في هذا البناء سقوط الجدار المذكور بنفسه ، ولعله بسبب المطر المشار إليه في الرواية المتقدمة.
ويخالفه ما رواه أبو بكر الآجرى من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال : أخبرني أبي قال : كان الناس يصلون إلى القبر ، فأمر به عمر ابن عبد العزيز فرفع حتى لا يصل إليه أحد ، فلما هدم بدت قدم بساق وركبة ، ففزع عمر بن عبد العزيز ، فأتاه عروة فقال : ساق عمر وركبته! فسرّي (١) عن عمر بن عبد العزيز.
ومن طريق مالك بن مغول عن رجاء بن حيوة قال : كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز ، وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، أن اهدمها ووسع بها المسجد ، فقعد عمر في ناحية ، ثم أمر بهدمها ، فما رأيت باكيا أكثر من يومه ، ثم بناها كما أراد ، فلما أن بنى البيت على القبر وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة ، وكان الرمل الذي عليها قد انهار ، ففزع عمر بن عبد العزيز ، وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه ، فقلت له :
__________________
(١) سرّي عنه : زال ما به من هم وفزع.