خالد قال : حدثني إبراهيم بن نوفل بن سعيد بن المغيرة الهاشمي عن أبيه قال : انهدم الجدار الذي على قبر النبي صلىاللهعليهوسلم في زمان عمر بن عبد العزيز ، فأمر بعمارته ، قال : فإنه لجالس وهو يا بني إذ قال لعلي بن حسين : قم يا علي فقمّ البيت (١) ، يعني بيت النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقام إليه القاسم ابن محمد قال : وأنا أصلحك الله ، قال : نعم وأنت فقم ؛ ثم قال له سالم بن عبد الله : وأنا أصلحك الله ، قال : اجلسوا جميعا ، وقم يا مزاحم ، فقمّه ، فقام مزاحم فقمه ، قال مسلم : وقد أثبت لي بالمدينة أن البيت الذي فيه قبر النبي صلىاللهعليهوسلم بيت عائشة ، وأن بابه وباب حجرته تجاه الشام. وأن البيت كما هو سقفه على حاله ، وأن في البيت جرة وخلق رخالة ، انتهى.
وروى ابن زبالة ويحيى من طريقه عن غير واحد منهم إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه قال : جاف (٢) بيت النبي صلىاللهعليهوسلم من شرقيه ، فجاء عمر بن عبد العزيز ومعه عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، فأمر ابن وردان أن يكشف عن الأساس ، فبينا هو يكشفه إلى أن رفع يده وتنحّى واجما ، فقام عمر بن عبد العزيز فزعا ، فقال عبد الله ابن عبيد الله : أيها الأمير لا يروعنّك فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب ضاق البيت عنه فحفر له في الأساس ، فقال : يا ابن وردان غطّ ما رأيت ، ففعل.
وروى أيضا عن المطلب أنه لما سقط الجدار من شق الجنائز أمر عمر بقباطيّ فخيطت (٣) ، ثم ستر بها ، وأمر أبا حفصة مولى عائشة وناسا معه فبنوا الجدار ، فجعلوا فيه كوة ، فلما فرغوا منه ورفعوه دخل مزاحم مولى عمر فقمّ ما سقط على القبر من التراب والطين ، ونزع القباطي ، وكان عمر يقول : لأن أكون وليت ما ولي مزاحم من قمّ القبور أحب إلي من أن يكون لي من الدنيا كذا وكذا ، وذكر مرغوبا من الدنيا.
وروى يحيى من طريقه أيضا عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال : كنت أخرج كل ليلة من آخر الليل حتى آتي المسجد ، فأبدأ بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، فأسلم عليه ، ثم آتي مصلاي فأجلس به حتى أصلي الصبح ، فخرجت في ليلة مطيرة حتى إذا كنت عند دار المغيرة بن شعبة لقيتني رائحة لا والله ما وجدت مثلها قط ، فجئت المسجد فبدأت بقبر النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا جداره قد انهدم ، فدخلت فسلمت على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومكثت فيه مليا ، وذكر صفة القبور كما سيأتي عنه ، قال : فلم ألبث أن سمعت الحس ، فإذا عمر بن عبد العزيز قد أخبر فجاء ، فأمر به فستر بالقباطي ، فلما أصبح دعا وردان البناء فقال له : ادخل فدخل فكشف فقال : لا بد لي
__________________
(١) قمّ البيت : كنسه. و ـ الشاة ونحوها : تناولت بشفتيها ما وجدت على وجه الأرض لتأكله.
(٢) جاف : نتن ، ظهرت له رائحة كريهة.
(٣) القباطي : (ج) القبطية : ثياب من كتان بيض رقاق ، كانت تنسج في مصر.