وفي هذا التصوير وما ذكر فيه من الذّرع مخالفة لما تقدم عن نقل ابن زبالة حيث قال. والبناء الذي حول البيت بينه وبين البناء الظاهر اليوم مما يلي المشرق ذراعان ، والتصوير المذكور قد اشتمل على أن الفرجة المذكورة ثلاثة أذرع ، ويستفاد من التصوير أيضا أن الفرجة بينهما في جهة القبلة مختلفة ، فبعضها دون الذراع وهو الشبر المشار إليه في كلام ابن زبالة ، وبعضها ذراع.
وسنذكر أن ما شاهدناه في صورة الحجرة الشريفة عند انكشافها أقرب إلى التصوير المذكور مما ذكره ابن زبالة ، وأن الحال شاهد بأنه وقع في بنائها الداخل تغيير ؛ فلم يبق على الصورة المذكورة.
وقد أدرك ابن زبالة عمارة أبي البحتري التي كشف فيها سقف المسجد مما يلي الحجرة الشريفة ، وذكرها في كتابه فقال : وكان أبو البحتري ـ إذ كان واليا على المدينة لهارون أمير المؤمنين ـ كشف سقف المسجد في سنة ثلاث وتسعين ومائة ، فوجد فيه سبعين خشبة مكسورة ، فأدخل مكانها خشبا صحاحا اه.
وكأنه لم يشاهد ذلك كما شاهده أبو غسان ، وعبارة يحيى في ذكر هذه العمارة : وقد كان خشب من خشب المسجد فوق القبر مما يليه انكسر في ولاية أبي البحتري ، فأمر بكشف السقف ، وذكر ما تقدم عن ابن زبالة ، على أن ابن زبالة ويحيى أشارا في كتابيهما إلى تصوير الحجرة والحائز الدائر عليها ، لكن الصورة ساقطة من النسخة التي وقعت لنا.
وقد صور ذلك ابن النجار في كتابه ، وأظنه أخذه من نسخة وقعت له من ابن زبالة