السواري ، وسمر عليها ألواح من خشب ، ومن فوقها ألواح الرصاص ، وفيها طاقة إذا أبصر الشخص منها رأى سقف المسجد الأسفل الذي فيه الطابق ، وعليه المشمع المتقدم ذكره ، وحول هذه القبة على سقف المسجد ألواح رصاص مفروشة فيما قرب منها ، ويحيط به وبالقبة درابزين من الخشب جعل مكان الحظير الآجر ، وتحته أيضا بين السقفين شباك خشب يحكيه محيط بالسقف الذي فيه الطابق ، وعليه المشمع المتقدم ذكره ، ولم أر في كلام مؤرخي المدينة تعرض لمن تولى عمل هذه القبة.
ورأيت في «الطالع السعيد الجامع أسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد» في ترجمة الكمال أحمد بن البرهان عبد القوي الربعي ناظر قوص أنه بنى على الضريح النبوي هذه القبة المذكورة ، قال : وقصد خيرا وتحصيل ثواب ، وقال بعضهم : أساء الأدب بعلو النجارين ودق الحطب ، قال : وفي تلك السنة وقع بينه وبين بعض الولاة كلام ، فوصل مرسوم بضرب الكمال ، فضرب ، فكان من يقول إنه أساء الأدب [يقول :] إن هذا مجازاة له ، وصادره الأمير علم الدين الشجاعي ، وخرب داره ، وأخذ رخامها وخزائنها ، ويقال : إنهم بالمدرسة المنصورية اه.
ويؤيد ما نقله عن بعضهم ما رواه أبو داود في سننه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «خرج فرأى قبة مشرفة ، فقال : ما هذه؟ قال له أصحابه : هذه لفلان ، رجل من الأنصار ، قال : فسكت وحملها في نفسه ، حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلم عليه في الناس فأعرض عنه ، صنع ذلك مرارا ، حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه ، فشكا ذلك إلى أصحابه ، فقال : والله إني لأنكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : خرج فرأى قبتك ، قال : فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سوّاها بالأرض ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم ، فلم يرها ، قال : ما فعلت القبة؟ قالوا : شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها ، فقال : أما إنّ كلّ بناء وبال على صاحبه إلا ما لا إلا ما لا» أي : إلا ما لا بد منه.
وجد جدّدت هذه القبة في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ، فاختلت الألواح الرصاص عن وضعها ، فخشوا من كثرة الأمطار ، فجددت وأحكمت في أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد في سنة خمس وستين وسبعمائة ، قاله الزين المراغي.
وقد ظهر في بعض أخشابها خلل في سنة إحدى وثمانين وثمانمائة فعضّدها متولي العمارة الشمس بن الزمن بأخشاب سمرت معها ، وقلع ما حولها من ألواح الرصاص التي على أعلى السطح بينها وبين الدرابزين المتقدم ذكره ، فوجدوا تحت ذلك أخشابا قد تأكلت من طول الزمان ونداوة مياه الأمطار فأصلحوا ذلك وأعادوه بعد أن أضافوا إليه كثيرا من الرصاص من حاصل المسجد ومما أحضر من مصر ، وجددوا الدرابزين المحيط بها أيضا ،