وقد هبّت نسيمات لنجد |
|
فطب واشرب بكاسات كبار |
فما وقت يمرّ بمستعاد |
|
وما دار الأعزّة بالقرار |
فودّع أرض نجد قبل بعد |
|
فما نجد لمرتحل بدار |
أقول لمن يمرّ بأرض نجد |
|
ويظفر من رباها بالديار |
تزود من شميم عرار نجد |
|
فما بعد العشية من عرار |
وقل أيضا لمغتنم صفاء |
|
على معنى يلوح لذي اعتبار |
إذا العشرون من شعبان ولّت |
|
فواصل شرب ليلك بالنهار |
ولا تشرب بأقداح صغار |
|
فإن الوقت ضاق على الصغار |
فلما قضيت من ذلك الوطر ، متعت عيني من تلك الساحة بالنظر ، لأتحف بوصفها المشتاقين ، وأنشر من طيب أخبارها في المحبين ، فتأملت الحجرة الشريفة فإذا هي أرض مستوية ، وتناولت من ترابها بيدي فإذا فيه نداوة وحصباء كالحصباء المتقدم وصفها بين الجدارين يظهر عند فحصه بالأصابع ، ولم أجد للقبور الشريفة أثرا ، غير أن بأوسط الحجرة موضعا فيه ارتفاع يسير جدا ، توهموا أنه القبر الشريف النبوي ، فأخذوا من ترابه للتبرك فيما زعموا ، ومنشأ ذلك الوهم جهل من كان هناك بأخبار الحجرة الشريفة ، وذلك المحل ليس هو القبر النبوي قطعا ، ولعله قبر عمر رضياللهعنه ؛ لأن الشافعي رضياللهعنه قد نص على أن النبي صلىاللهعليهوسلم إنما لحد له في جدار القبلة.
قال الشافعي ، فيما نقله عنه الأقشهري ردا على من قال إن النبي صلىاللهعليهوسلم أدخل لقبره معترضا : هذا من فحش الكلام في الأخبار ؛ لأن قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان قريبا من الجدار ، وكان اللحد تحت الجدار ، فكيف توضع الجنازة على عرض القبر حتى سلّ معترضا؟ فدلّ على أن هذا النقل غير صحيح ، انتهى.
وروى ابن عساكر عن جابر رضياللهعنه قال : رشّ قبر النبي صلىاللهعليهوسلم وكان الذي رش الماء على قبره بلال بن رباح بقربة بدأ من قبل رأسه حتى انتهى إلى رجليه ثم ضرّجه بالماء إلى الجدار ، لم يقدر على أن يدور من الجدار لأنهم جعلوا بين قبره وبين حائط القبلة نحوا من سوط.
وقال ابن سعد في طبقاته : أخبرنا شريح بن النعمان عن هشيم قال : أخبرني رجل من قريش من أهل المدينة يقال له محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال : سقط حائط قبر النبي صلىاللهعليهوسلم في زمن عمر بن عبد العزيز ـ وهو يومئذ على المدينة في ولاية الوليد ـ فكنت في أول من نهض ، فنظرت إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا ليس بينه وبين حائط عائشة رضياللهعنها إلا نحو من شبر ، فعرفت أنهم لم يدخلوه من قبل القبلة ، وعلى تقدير أن يكون ثمّ موضع بين