زيادة الرواقين بالمسقف القبلي ، ونقص رواق من المسقف الشامي ، فصار عدد القناطر في كل جانب منهما ثماني عشرة قنطرة.
والمسدود اليوم بالشبابيك من رءوس القناطر إنما هو رءوس القناطر القبلية وبعض ما يليها من القناطر الشرقية ، ثم زال ذلك في الحريق الثاني ، وقد ذكر ابن زبالة عن محمد بن إسماعيل قال : أدركت المسجد كان يضيق عن الناس يوم الجمعة حتى يصلي بعضهم في دار القضاء ، وهي يومئذ مبنية ، وفي دار ابن مكمل ، وفي دار النحامين ، وفي دار عاتكة ، قال : فلما قدم أبو جعفر المنصور المدينة سنة أربعين ومائة أمر بستور فستر بها صحن المسجد على عمد لها رءوس كقريات الفساطيط ، وجعلت في الطّيقان ـ أي القناطر المتقدم ذكرها ـ فكانت الريح تدخل فيها ، فلا يزال العمود يسقط على الإ ، سان ، فغيّرها وأمر بستور هي أكثف من تلك الستور وبحبال ، فأتى بها من جدة من حبال السفن القنبار ، وجعلت على سبيك حبالها اليوم ، فكانت تجعل على الناس كل جمعة ، فلم يزل كذلك حتى خرج محمد بن عبد الله بن حسن يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة ، فأمر بها فقطعت درارع لمن كان يقاتل معه ، فتركت حتى كان زمان هرون أمير المؤمنين فأحدث هذه الأستار ، ولم يكن يعني صحن المسجد يستر زمان بني أمية.
قلت : وهذا شيء قد انقطع قديما لعدم الاحتياج إليه لما قلّ الناس بالمدينة ، حتى إن كثيرا من الأروقة لا يمتلئ بالناس.
وبالمسجد اليوم ستارة بالقرب من باب الحجرة الشامي ترخى على ما يليه من القناطر الشرقية لتقي من يجلس هناك من خدام المسجد حر الشمس.
وقال ابن زبالة ويحيى : وكان ماء المطر إذا كثر في صحن المسجد يغشى السقائف التي في القبلة ، وكانت حصباء تلك الناحية تسيل إلى صحن المسجد ، فجعل بين القبلة والصحن لاصقا بالسواري حجاب من حجارة من المربعة التي في غربي المسجد إلى المربعة التي في شرقيه على القبر ، فمنع الماء من الصحن أن يغشى القبلة ومن حصباء القبلة أن يصير إلى الصحن. وعبارة يحيى : فأمر أبو البحتري بحجارة فجعلت ردا لذلك الماء الذي كان يدخل والحصباء التي كانت تسيل فيما بين المربعة التي كانت عند القبر والمربعة التي في غربي المسجد ، وجعل ذلك لاصقا بالسواري.
قلت : والمراد أنه جعل أحجار الحجاب المذكور فيما بين السواري التي تلي رحبة المسجد من المشرق إلى المغرب ، وقد كانت مربعة القبر أول السواري المذكورة من جهة المشرق ؛ لأنها في صف أسطوان الوفود كما قدمناه ، وذلك الصف كان آخر المسقف القبلي ، وكانت المربعة الغربية في آخر السواري المذكورة مما يلي المغرب ، وهي الأسطوان المثمنة اليوم