وروى ابن زبالة عن حاتم بن إسماعيل عن حبيب قال : مر عمر بن الخطاب على باب معمر بالسوق ، وقد وضع على بابه جرة ، فأمر بها أن تقلع ، فخرج إليه معمر فقال : إنما هذه جرة يسقي فيها الغلام الناس ، قال : فنهاه عمر أن يحجر عليها أو يحوزها. قال : فلم يلبث أن مر عليها وقد ظلل عليها ، فأمر عمر بالجرة والظل فنزعهما.
وعن عبد الله بن محمد قال : كان الراكب ينزل بسوق المدينة فيضع رحله ، ثم يطوف بالسوق ورحله بعينه يبصره ، لا يغيبه عنه شيء.
وروى أيضا قصة أخذ معاوية رضي الله تعالى عنه لدار النقصان من صحن سوق المدينة.
وروى أيضا عن محمد بن طلحة وغيره قال : أحدث إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة في سلطان هشام بن عبد الملك ، وهو يومئذ وال له على المدينة ، دارا أخذ بها سوق المدينة ، وسدّ بها وجوه الدور الشوارع في السوق ، وكتب إلى هشام يذكر له عليها وعظيم قدرها ، فكتب إليه هشام يأمره بإمضائها وإمضاء عين السوق ، وكان أحدثها في سكك أهل المدينة ، ودخلت في بعض منازلهم ، فكتب إليه أن أمضها وإن كانت في بطونهم.
قلت : ونقل ابن شبة عن أبي غسان أنه قال : كان الذي هاج هشام بن عبد الملك على بناء داره التي كانت بالسوق أن إبراهيم بن هشام بن إسماعيل كان خال هشام بن عبد الملك ، وكان ولاه المدينة ، فكتب إليه إبراهيم ، فذكر أن معاوية بن أبي سفيان بنى دارين بسوق المدينة يقال لإحداهما دار القطران والأخرى دار النقصان ، وضرب عليهما الخراج ، وأشار عليه أن يا بني دارا يدخل فيها سوق المدينة ، فقبل ذلك هشام ، وبناها ، وأخذ بها السوق كله ، انتهى.
وقال ابن زبالة عقب ما تقدم : فابتدأ الدار من خاتمة البلاط أي الذي عند دار العباس بالزوراء بقرب مشهد مالك بن سنان رضياللهعنه ، فيكون هذا الجدار في شرقي السوق ، وهذا أول الجدار المذكور مما يلي القبلة ، وما سيأتي فيه دال على أنه استمر يمده إلى جهة الشام ، وليس ابتداء هذا الجدار من القبلة أول السوق لما سيأتي ، بل بقي منه بقية في جهة القبلة إلى المصلى سيأتي ذكرها.
قال ابن زبالة عقب ذكره لابتداء الدار من خاتمة البلاط : فمضى بها حتى سد بها وجه دار العباس بن عبد المطلب ، أي التي عند خاتمة البلاط ودار نخلة ، وكانت لآل شيبة بن ربيعة ، وإنما سميت دار نخلة لنخلة كانت فيها. ثم دار معمر العدوي التي كان يجلس صاحب السوق بفنائها. ثم دار خالد بن عقبة التي بفنائها أصحاب الرقيق.