عسى أن يبلغني من هذا اللبن؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا ، فاستأذنوا فأذن لهم ، فأخذوا مجالسهم من البيت ، قال : يا أبا هريرة ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : خذ فأعطهم ، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فاخذه فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم انتهيت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقد روي القوم كلهم ، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم ، وقال : يا أبا هر ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : بقيت أنا وأنت ، قلت : صدقت يا رسول الله ، قال : اقعد فاشرب ، فقعدت فشربت ، فقال : اشرب ، فشربت ، فما زال يقول اشرب حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ، قال : فأرني ، فأعطيته القدح ، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة.
وقد وقع لأبي هريرة رضياللهعنه قصة أخرى في تكثير الطعام مع أهل الصفة.
وأخرج ابن حبان من طريق مسلم بن حيان عن أبيه عنه قال : أتت عليّ ثلاثة أيام لم أطعم ، فجئت أريد الصفة ، فجعلت أسقط ، فجعل الصبيان يقولون : خر أبو هريرة ، حتى انتهيت إلى الصفة ، فوافيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى بقصعة من ثريد ، فدعا عليها أهل الصفة وهم يأكلون منها ، فجعلت أتطاول كي يدعوني ، حتى قاموا وليس في القصعة إلا شيء في نواحيها ، فجمعه صلىاللهعليهوسلم فصارت لقمة ، فوضعها على أصابعه فقال لي : كل باسم الله ، فو الذي نفسي بيده ما زلت آكل منه حتى شبعت.
وروى أبو نعيم في الحلية من حديث معاوية بن الحكم فقال : بينا أنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصفة ، فجعل يوجه الرجل مع الرجل من الأنصار ، والرجلين والثلاثة ، حتى بقيت في أربعة ورسول الله صلىاللهعليهوسلم خامسنا ، فقال : انطلقوا بنا ، فقال : يا عائشة عشّينا ـ الحديث.
وروى أيضا من طريق نعيم المجمر عن أبي هريرة : كنت من أهل الصفة ، وكنا إذا أمسينا حضرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيأمر كل رجل فينصرف برجل أو أكثر ، فيبقى من بقي عشرة أو أقل أو أكثر ، فيؤتي النبي صلىاللهعليهوسلم بعشائه فيتعشى معهم ، فإذا فرغنا قال : ناموا في المسجد.
وروى ابن شبة عن طلحة البصري قال : كان من قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه ، ومن لم يكن له بها عريف نزل الصفة ، فكنت فيمن نزل الصفة ، فوافقت رجلين كان يجرى علينا في كل يوم مدّين من تمر من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فناداه رجل من أهل الصفة : يا رسول الله أحرق التمر بطوننا وتحرفت علينا الحرف ، فمال النبي صلىاللهعليهوسلم إلى منبره فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر ما لقي من قومه حتى إن كان ليأتي علي وعلى صاحبي بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا البرير ، فقدمنا على إخواننا من الأنصار وجل