بمائة ألف وثمانين ألف درهم ، وقيل : بمائتي ألف ، وشرط لها سكناها حياتها ، وحمل إليها المال ، فما قامت من مجلسها حتى قسمته ، وقيل : بل اشتراه ابن الزبير من عائشة ، وبعث إليها خمسة أجمال تحمل المال ، وشرط لها سكناها حياتها ، ففرقت المال.
وأسند ابن زبالة عن هشام بن عروة قال : إن ابن الزبير ليعتد بمكرمتين ما يعتد أحد بمثلهما : أن عائشة أوصته ببيتها وحجرتها ، وأنه اشترى حجرة سودة.
قلت : وهذا يقتضي أن الحجر الشريفة كانت على ملك نسائه صلىاللهعليهوسلم ، ويؤيده ما تقدم من تصرف أم سلمة وبنائها لحجرتها في غيبته صلىاللهعليهوسلم ، ويعارضه ما تقدم من أن زينب بنت خزيمة لما توفيت أدخل النبي صلىاللهعليهوسلم أم سلمة بيتها ، وقد أضيفت البيوت في القرآن العظيم مرة إليه صلىاللهعليهوسلم ومرة إليهن ، والظاهر أن الإضافة الأولى هي الحقيقية ؛ لما تقدم من أن النبي صلىاللهعليهوسلم بناها ، ولأنه كان يجب عليه إسكانهن ، غير أن لهن فيها بعده حق السكنى لحبسهن لحقه صلىاللهعليهوسلم.
وقال الزبير بن المنير : إن غرض البخاري حيث ترجم بقوله «باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم» وما نسب من البيوت إليهن وقول الله عزوجل (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣](لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) [الأحزاب : ٥٣] أن يبين أن بهذه النسبة تحقيق دوام استحقاقهن البيوت ما بقين ؛ لأن نفقتهن وسكناهن من خصائص النبي صلىاللهعليهوسلم ، والسر فيه حبسهن عليه ، انتهى. ويحتمل أنه صلىاللهعليهوسلم كان قد ملّك بعضهن بيتها ، أو ملكهن كلهن كما ذهب إليه بعضهم.
قال الطبري : قيل : كان النبي صلىاللهعليهوسلم ملّك كلا من أزواجه البيت التي هي فيه فسكّن بعده فيهن بذلك التمليك ، وقيل : إنما لم ينازعن في مساكنهن لأن ذلك من جملة مئونتهن التي كان النبي صلىاللهعليهوسلم استثناه لهن مما كان بيده أيام حياته حيث قال : ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي فهو صدقة ، قال الطبري : وهذا أرجح ، ويؤيده أن ورثتهن لم يرثوا عنهن منازلهن ، ولو كانت البيوت ملكا لهن لانتقلت إلى ورثتهن ، وفي ترك ورثتهن حقوقهم منها دلالة على ذلك ، ولهذا زيدت بعدهن في المسجد لعموم نفعه للمسلمين ، انتهى.
وقد يناقش فيما ذكره من عدم إرث ورثتهن لمنازلهن ؛ إذ لا يلزم من عدم نقله انتفاءه مع أن في قصة إدخال بيت حفصة في المسجد وما وقع من آل عمر في أمر طريق بيت حفصة ما يشهد لأن ورثتهن ورثوا ذلك ، ويحتمل أن إدخال الحجر في المسجد كان بعد شرائها من الورثة ، وقد تقدم عن ابن سعد ما يشهد لذلك ، وقد قال في طبقاته أيضا : أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر قال : مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يوص إلا بمسكن أزواجه وأرض ، انتهى. وهذا يحتمل الوصية للأزواج بذلك ، ويحتمل غيره ، والله أعلم.
وادعى المهلب أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان قد حبس عليهن بيوتهن ، ثم استدل به على أن من