ورواه مسلم من طريق مالك بن أنس بنحوه ، وقال : لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر.
والخوخة : طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ، ولا يشترط علوها ، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب ، وهو المقصود هنا ، لهذا أطلق عليها باب ، وقيل : لا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق.
وفي حديث ابن عباس المشار إليه في الصلاة أن ذلك في مرضه صلىاللهعليهوسلم الذي مات فيه ، ولمسلم من حديث جندب : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول قبل أن يموت بخمس ليال ، وذكر الحديث.
وروى عبد الله بن أحمد برجال ثقات عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار ، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر.
وروى الطبراني بإسناد حسن عن معاوية رضياللهعنه نحوه ، وفيه أن ذلك بعد أن صب عليه صلىاللهعليهوسلم من سبع قرب من آبار شتى ، ولفظه : انظروا هذه الأبواب الشوارع في المسجد فسدوها إلا ما كان من باب أبي بكر.
وروى أبو يعلى ـ ورجاله ثقات ـ عن عائشة نحوه أيضا.
وفي طبقات ابن سعد : أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي ثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إن أعظم الناس علي منّا في صحبته وذات يده أبو بكر ، فأغلقوا هذه الأبواب الشارعة كلها في المسجد إلا باب أبي بكر.
وقال قتيبة بن سعيد : قال الليث بن سعد : قال معاوية بن صالح : فقال ناس : أغلق أبوابنا وترك باب خليله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر ، وإني أرى على باب أبي بكر نورا ، وأرى على ابوابكم ظلمة.
وفيها أيضا : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني الزبير بن موسى عن أبي الحويرث قال : لما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأبواب تسد إلا باب أبي بكر قال عمر : يا رسول الله دعني افتح كوة أنظر إليك حين تخرج إلى الصلاة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا.
قال الخطابي وابن بطال : في هذا الحديث إشارة قوية إلى استحقاق أبي بكر رضياللهعنه للخلافة ، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلىاللهعليهوسلم في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر.
قال الحافظ ابن حجر : وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة ، والأمر بالسد كناية عن طلبها ، كأنه قال : لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها ،