وذكر ابن هشام في كتاب التيجان أن آدم عليهالسلام لما بنى البيت أمره جبريل عليهالسلام بالمسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه ، فبناه ونسك فيه (١).
وأجاب بعضهم بأن داود وسليمان عليهماالسلام إنما كان لهما من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه ، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق عليهماالسلام بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا القدر.
ويشكل على ذلك ذكر القصة المتقدمة ؛ لأنه حينئذ لا يحتاج إلى شراء أرضه ، نعم قال الخطابي : يشبه أن يكون المسجد الأقصى وضع قبل داود وسليمان ، ثم زادا فيه ووسعاه فأضيف إليهما بناؤه ، فيحتمل حينئذ أن القصة المتقدمة وقعت فيما وقع الأمر بزيادته فيه ، ويؤيد ذلك ما رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي يحيى الضرير زيد بن الحسن البصري حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب أنه قال للعباس رضياللهعنهما : إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : نزيد في المسجد ، ودارك قريبة من المسجد ، فأعطناها نزيدها فيه ، وأقطع لك أوسع منها ، قال : لا أفعل ، قال : إذا أغلبك عليها ، قال : ليس لك ذلك ، قال : فأجعل بيني وبينك من يقضي بالحق ، قال : ومن هو؟ قال : حذيفة بن اليمان ، قال : فجاؤوا إلى حذيفة رضياللهعنه ، فقصوا عليه ، فقال حذيفة : عندي في هذا خبر ، قالوا : وما ذاك؟ قال : إن داود النبي صلىاللهعليهوسلم أراد أن يزيد في بيت المقدس ، وقد كان بيت قريب من المسجد ليتيم ، فطلب إليه فأبى ، فأراد أن يأخذه منه ، فأوحى الله عزوجل إليه إن أنزه البيوت عن الظلم لبيتي ، قال : فتركه ، فقال له العباس : فبقي شيء؟ قال : لا ، قال : فدخل عمر المسجد فإذا ميزاب للعباس شارع في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسيل ماء المطر منه ، فقال عمر بيده فقلع الميزاب ، فقال : هذا الميزاب لا يسيل في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له العباس : والذي بعث محمدا بالحق إنه هو الذي وضع هذا الميزاب في هذا المكان ونزعته أنت يا عمر ، فقال عمر رضياللهعنه : ضع رجليك على عنقي لترده إلى ما كان ، ففعل ذلك العباس ، ثم قال العباس رضياللهعنه [قد أعطيتك الدار تزيدها] في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فزادها عمر في المسجد ، ثم قطع للعباس دارا أوسع منها بالزوراء ، وقال الحاكم : هذا الحديث كتبناه [عن أبي جعفر وأبي علي الحافظ](٢) ولم يكتبه إلا بهذا الإسناد ، والشيخان لم يحتجا بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ،
__________________
(١) نسك فيه : تزهد وتعبّد فيه. ـ وأصل مأخذه النسيكة : سبيكة الفضة الخالصة.
(٢) ما بين [] بياض بالأصل ، وهذه الزيادة من كتاب المستدرك لأبي عبد الله الحاكم.