عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا طلاق إلّا بعد نكاح» فارتجّت بغداد وتكلّم الناس بما تكلموا به ، قال : فبينا نحن ذات يوم عند علي بن الحسين الصفّار نكتب من أصوله ، إذ وقع بيدي جزء من حديث محمّد بن يحيى القطعي ، فنظرت في الجزء ، قلت : لعلّي أجد هذا الحديث ، فوجدت الحديث في الجزء ، فلم أخبر أصحابي ، وغدوت إلى باب أبي محمّد بن صاعد ، فصادفته قاعدا على الباب ، فسلّمت عليه ، ونظر إليّ فقال : ما لك ، قلت : يا أبا محمد البشارة ، وجدنا حديث أيوب عن نافع في أصل كتاب علي بن الحسين الصفّار عن محمّد بن يحيى القطعي ، فأخذ الجزء ورمى به ، ثم أسمعني فقال : يا فاعل! حديث أحدث به ، أنا ، أحتاج أن يتابعني عليه علي بن الحسين الصفّار!؟
أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب ، قال (١) : سمعت البرقاني يقول : قال لي أبو بكر الأبهري الفقيه : كنت عند يحيى بن محمّد بن صاعد فجاءته امرأة ، فقالت له : أيها الشيخ ، ما تقول في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت ، هل الماء طاهر أم نجس؟ فقال يحيى : ويحك ، كيف سقطت الدجاجة في البئر؟ قالت : لم تكن البئر مغطاة ، فقال يحيى : ألا غطيتيها (٢) حتى لا يقع فيها شيء؟ قال الأبهري : فقلت لها : يا هذه ، إن لم يكن الماء تغيّر فهو طاهر ، ولم يكن عند يحيى من الفقه ما يجيب المرأة.
قال الخطيب : هذا القول تظنّن (٣) من الأبهري ، وقد كان يحيى ذا محل من العلم عظيم (٤) ، وله تصانيف في السنن وترتيبها على الأحكام تدل من وقف عليها وتأملها على فقهه ، ولعل يحيى لم يجب المرأة لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فتورع أن يتقلد قول بعضهم ، أو كره أن ينصّب نفسه للفتيا ، وليس هو من المرتسمين بها ، وأحب أن يكل ذلك إلى الفقهاء المشتهرين بالفتاوى والنظر ، والله أعلم.
أنبأنا أبو سعد محمّد بن محمّد ، وأبو علي الحسن بن أحمد ، وأبو القاسم غانم بن محمّد بن عبيد الله.
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٢٣٢ وعن البرقاني في سير الأعلام ١٤ / ٥٠٥.
(٢) في تاريخ بغداد : «غطيتها».
(٣) تقرأ بالأصل وم و «ز» : بطىء ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٤) اللفظة ليست في تاريخ بغداد.