وسحاحها (١) وخيارها ، وكان قابيل (٢) يتقرّب بزؤان (٣) ونفاية الحنطة ، فتأتي نار من السماء فتأكل قربان هابيل ، ولا تقرب قربان قابيل ، فغاظه ذلك [فخرج](٤) حتى لقي إبليس ، فقال : يا إبليس أتقرّب أنا وأخي بقربانين ، فتأتي نار فتأكل كلّ قربانه ولا تأكل قرباني ، فقال له إبليس : اقتله تكن ملكا تبحبح (٥) في الأرض ، قال : وما القتل؟ قال : إذا رأيته راقدا (٦) فآذني به. فلما رقد هابيل أتى قابيل إلى إبليس فآذنه ، فانطلق معه إبليس حتى وقف على رأسه فقال : خذ حجرا فاضرب به رأسه ، ففعل ، فلما قتله حمله ثلاثة أيام يطوف به الأرض يظعن به إذا ظعن ، وينزل به إذا نزل ، حتى بعث الله الغرابين ، فاقتتلا وقابيل ينظر إليهما ، فقتل أحدهما صاحبه ، فحفر له حتى أعمق ، فدفنه ، فقال الله تعالى في كتابه : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) إلى (النَّادِمِينَ)(٧).
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل ، وأبو علي بن شاذان ، قالا : أخبرنا محمّد بن عبد الله بن عمروية الصفّار ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق الصغاني ، حدّثنا حسن بن موسى ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، حدّثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم (٨) ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال :
كان لآدم عليهالسلام أربعة توأم ذكر وأنثى من بطن ، وذكر وأنثى من بطن ، فكانت أخت صاحب الحرث جميلة ، وكانت أخت صاحب الغنم قبيحة ، فقال صاحب الحرث : أنا أحقّ بها ، وقال صاحب الغنم : أنا أحقّ بها ، أتريد أن تستأثر برضائها علي فتعال نقرّب قربانا ، فإن تقبّل قربانك فأنت أحقّ بها ، وإن تقبّل قرباني فأنا أحقّ بها (٩) ، فقرّبا قربانهما ، فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض أعين أقرن ، وجاء صاحب الطعام بصبرة (١٠) من طعامه فتقبّل الكبش فخزنه الله في الجنّة أربعين خريفا ، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليهالسلام ، فقال صاحب الحرث : (لَأَقْتُلَنَّكَ)(١١) فقال : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : وشخاصها ، وفوقها ضبة.
(٢) في «ز» : وقابن ، وقد جاءت فيها «قابن» في كل مواضع الخبر.
(٣) الزؤان الذي يخالط البرّ.
(٤) سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز».
(٥) التبحبح : التمكن في الحلول والمقام.
(٦) بالأصل وم : راقد ، والمثبت عن «ز».
(٧) سورة المائدة ، الآيات ٢٧ إلى ٣١.
(٨) تحرفت في «ز» ، وم إلى : خيثم.
(٩) مكرر بالأصل.
(١٠) الصبرة : ما جمع من الطعام بلا كيل ولا وزن.
(١١) سورة المائدة ، الآية : ٢٧.