أحد أعلام الدنيا ، ومن قد اشتهر أمره وخبره ، ولم يستتر عن الكبير والصغير من الناس فضله وعلمه ورئاسته ، وسياسته لأمره ، وأمر أهل زمانه من الخلفاء والملوك ، واسع العلم بالفقه ، كثير الأدب ، حسن العارضة (١) ، قائم بكل معضلة ، غلب على المأمون ، حتى لم يتقدمه أحد عنده من الناس جميعا ، وكان المأمون ممن برع في العلوم ، فعرف من حال يحيى بن أكثم وما هو عليه من العلم والعقل ما أخذ بمجامع قلبه ، حتى قلّده قضاء القضاة وتدبير أهل مملكته ، فكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئا إلّا بعد مطالعة يحيى بن أكثم ، ولا يعلم أحدا غلب على سلطانه في زمانه إلّا يحيى بن أكثم ، وابن أبي دؤاد (٢).
قال الخطيب (٣) : يحيى بن أكثم بن محمّد بن قطن بن سمعان بن مشنّج ، من ولد أكثم بن صيفي التميمي ، يكنى أبا محمّد ، وهو مروزي ، سمع عبد الله بن المبارك ، والفضل بن موسى السيناني ، وحفص بن عبد الرّحمن النيسابوري ، ويحيى بن الضريس ، ومهران بن أبي عمر الرازيين ، وجرير بن عبد الحميد الضبّي ، وعبد الله بن إدريس الأودي ، وسفيان بن عيينة ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعيسى بن يونس ، ووكيع بن الجراح ، وعلي بن عيّاش الحمصي ، وأبا توبة الحلبي ، روى عنه محمّد بن إسماعيل البخاري ، وأبو حاتم الرّازي ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وأخوه حمّاد بن إسحاق ، ومحمّد بن إبراهيم البرتي (٤) ، وأبو عيسى بن العرّاد ، وغيرهم ، وكان عالما بالفقه ، بصيرا بالأحكام ، ولّاه المأمون القضاء ببغداد.
قال الخطيب (٥) : وأنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أنا أبو علي بن الصواف ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : لما سمع يحيى بن أكثم بن ابن المبارك وكان صغيرا صنع أبوه طعاما ودعا الناس ثم قال : اشهدوا أن هذا سمع من ابن المبارك وهو صغير.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو يعلى بن الحبوبي ، قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي [بن منير](٦) بن أحمد ، أنا الحسن بن رشيق ، قال : قال لنا أبو عبد الرّحمن النسائي :
__________________
(١) رسمها بالأصل وم : العاصره.
(٢) تحرفت بالأصل وم إلى : داود ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩١.
(٤) تقرأ بالأصل وم : البري ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٢.
(٦) اللفظتان استدركتا عن م.