منها ، رأسه رأس إنسان وهو من سرته إلى أسفله خلقة زاغ (١) ، وفي صدره وظهره سلعتان (٢) ، فكبّرت وهلّلت وفزعت (٣) ، ويحيى يضحك ، فقال لي بلسان فصيح ذلق (٤) :
أنا الزاغ أبو عجوه |
|
أنا ابن الليث واللبوة |
أحبّ الراح والريحا |
|
ن والنشوة والقهوة |
فلا عربدتي تخشى (٥) |
|
ولا تحذر لي سطوة |
ولي أشياء تستظر |
|
ف يوم العرس والدعوة |
فمنها سلعة في الظه |
|
ر لا تسترها الفروة |
فأما السلعة الأخرى |
|
فلو كان لها عروة |
لما شك جميع النا |
|
س فيها انها ركوة |
ثم قال : يا كهل ، أنشدني شعرا غزلا ، فقال لي يحيى : قد أنشدك الزاغ ، فأنشده ، فأنشدته (٦) :
أغرك أن أذنبت ثم تتابعت |
|
ذنوب فلم أهجرك ثم أتوب (٧) |
وأكثرت حتى قلت : ليس بصارمي |
|
وقد يصرم الإنسان وهو حبيب |
فصاح : زاغ ، زاغ ، زاغ ، وطار ، ثم سقط في القمطر ، فقلت ليحيى : أعزّ الله القاضي ، وعاشق أيضا؟! فضحك ، فقلت : أيها القاضي ما هذا؟ قال : هو ما ترى ، وجّه [به](٨) صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين ، وما رآه بعد ، وكتب كتابا لم أفضضه (٩) وأظن أنه قد ذكر في الكتاب شأنه وحاله.
__________________
(١) الزاغ : نوع من أنواع الغربان ، يقال له : الزرعي ، ويقال له أيضا : غراب الزيتون ، جمعه : زيغان (راجع حياة الحيوان للدميري).
(٢) السلعة : زيادة تشبه الغدة تخرج بالرأس وسائر الجسد ، تنمو بين الجلد واللحم ، إذا غمزت باليد تحركت. (راجع تاج العروس واللسان : سلع).
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي سير أعلام النبلاء ١٢ / ١٢ وجزعت.
(٤) الأبيات في النجوم الزاهرة ٢ / ٣١٦ وحياة الحيوان للدميري ٢ / ٢ والثلاثة الأولى في سير أعلام النبلاء ١٢ / ١٢.
(٥) في حياة الحيوان : فلا عدوى يدى تخشى.
(٦) البيتان في النجوم الزاهرة ٢ / ٣١٧ وسير أعلام النبلاء ١٢ / ١٢ ـ ١٣.
(٧) بالأصل وم : ذنوب ، والمثبت عن المصدرين السابقين.
(٨) سقطت من الأصل ، وزيدت للإيضاح عن م ، وسير الأعلام.
(٩) الأصل وم ، أقصصه ، والمثبت عن المختصر.