اللّفظ حرّ المعنى ، ثاني بديع الزمان في شكوى الحرفة وسوء الحظ ورونق الكلام ولطف المأخذ ، وتبريز النثر على النظم والقصور في السلطانيات" (١).
وجاء عنه في عنوان الدراية أنه : " الشيخ الفقيه ، المجيد المجتهد ، العالم الجليل الفاضل ، المتقن المتفنن ، أعلم العلماء ، وتاج الأدباء ، له أدب هو فيه فريد دهره ، وسابق أهل عصره ، وفاق الناس بلاغة ، وأربى على من قبله" (٢).
وقال فيه بعض علماء المغرب : " هو قدوة البلغاء ، وعمدة العلماء ، وصدر الجلة الفضلاء ، ونكتة البلاغة التي قد أحرزها وأودعها ، وشمسها التي أخفت ثواقب كواكبها حين أبدعها مبدع البدائع والتي لم يخض بها قبله إنسان ، ولا ينطق عن تلاوتها لسان ، إذ كان ينطق عن قريحة صحيحة ، وروية بدرر العلم الفصيحة ، ذللت له صعب الكلام ، وصدقت رؤياه حين وضع سيد المرسلين في يديه الأقلام" (٣).
تلك هي أبرز معالم سيرة أبي المطرف المخزومي الذي عاش حياة إدارية وعلمية حافلة بالأعمال وزاخرة بالأحداث ، حيث تقلّد مناصب سامية في دول مختلفة ، وتنقل خلالها في كثير من بلدان الأندلس والمغرب وإفريقية ، وعاصر أحداثا سياسية كبرى. ولكنها كانت حياة مضطربة متقلبة وهي ظاهرة عامة اتسمت بها حياته في كل أطوارها ، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من أبناء عصره ووطنه. ويبقى ذلك الأديب الطائر الذكر ، المولع بالتاريخ والأدب معروفا لدى القاصي والداني بأناقة أسلوبه المزخرف وغزارة لغته.
__________________
(١) ابن الخطيب لسان الدين ، الإحاطة في أخبار غرناطة. تقديم يوسف علي طويل. بيروت : دار الكتب العلمية ، ٢٠٠٢ ، ج ١ ، ص ٦٣.
(٢) الغبريني ، المصدر السابق ، ص ٢٥٠.
(٣) المقري ، نفح الطيب ، ج ١ ، ص ٣١٣.