فيه فواقا ، وانحط عنه فرارا وأزمع له فراقا.
وكان الرّوم قد اتبعوا منهزمتهم / ٢٩ / ليردّوهم ، وأرادوا أن يقطعوهم عن الطريق للهرب ويصدّوهم ، فخلأ الفريقان المعترك ، وهرب الذي هرب وما رهب الدّرك ، ثم إن الرّوم تراجعوا فوجد واردهم المحلأ محلّا ، وأصابوا الجو خاليا والسّلاح مخلّا ، واتبعوا المسلمين على طريق المدينة وهم عنها عائجون (١) ، وإلى الفتن عارجون (٢) ، فلذلك قلّت في هذا الزحف قتلاهم ، وتلاحق في النجاة آخرهم بأولاهم (٣). ولم ينجح منهم أحد إلّا أعزل أكشف ، ولا كان فيهم من أبقى بيده ولا على جسده الدّرع ولا المرهف ، فاحتوى الرّوم على كل ما طرحوا ، وجالوا بقية يومهم هنالك وسرحوا ، ثم ظهروا بالعدة والعدد ، وأقبلوا لحصار البلد.
__________________
(١) عاج بالمكان وعليه عوجا وعوّج وتعوّج : عطف. وعجت بالمكان أعوج أي أقمت به. وفي حديث إسماعيل عليه السلام : هل أنتم عائجون؟ أي مقيمون. يقال عاج بالمكان وعوّج أي أقام. وقيل عاج به أي عطف عليه ومال وألمّ به ومرّ عليه. وفي حديث أبي ذر : ثم عاج رأسه إلى المرأة فأمرها بطعام أي أماله إليها والتف نحوها. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٣٣.
(٢) جناس ناقص بين" عائجون وعارجون".
(٣) طباق الإيجاب بين" آخرهم وأولاهم".