لها على يد الإسبان مع التركيز على الأسباب والعوامل وأطوار السقوط ، لذلك نجد في مصادر ترجمة المؤلف العبارة التالية : " وله تأليف في كائنة ميورقة وتغلب الروم عليها" ، والكائنة هي الحادثة ، وهي عبارة بليغة تعبر عن المحتوى الحقيقي للكتاب ، وقبل تحليل أحداث السقوط كما رواها المؤلف يجدر بنا أن نقدّم عرضا موجزا لتاريخ الجزيرة قبل أن تؤول إلى ما آلت إليه.
تقع ميورقة كبرى الجزائر الشرقية (جزر البليار) في البحر الزقاقي (المتوسط) ، تسامتها من الجنوب مدينة بجاية في المغرب الأوسط ، ومن الشمال مدينة برشلونة في شرق الأندلس ، ومن الشرق إحدى جزيرتيها وهي منورقة ، وغربيها جزيرة يابسة ، وهي أم هاتين الجزيرتين وهما بنتاها ، بينها وبين الأولى أربعون ميلا ، وبينها وبين الثانية سبعون ميلا ، وطولها من الغرب إلى الشرق سبعون ميلا ، وعرضها من القبلة (الجنوب) إلى الجوف (الشمال) خمسون ميلا (١). وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي ٣٦٤٠ كم (٢) ، وعاصمتها مدينة ميورقة.
قام المسلمون بأول محاولة لغزو جزيرة ميورقة سنة ٩٨ ه بقيادة عبد الله بن موسى بن نصير ، ولم يستطيعوا بسط نفوذهم عليها في محاولات أخرى على عهد الدولة الأموية حتى سنة ٢٩٠ ه / ٩٠٣ م تاريخ فتح الجزيرة بشكل نهائي ومستقر على يد عصام الخولاني زمن الأمير الأموي عبد الله بن محمد (٢٧٥ ـ ٣٠٠ ه). وفي ذلك يقول ابن خلدون : " كان فتح ميورقة سنة ٢٩٠ ه على يد عصام الخولاني ، وذلك أنه خرج حاجا في سفينة اتخذها لنفسه ، فعصفت بهم الريح فأرسوا بجزيرة ميورقة ، وطال مقامهم هنالك ، واختبروا من أحوالهم ما أطمعهم في فتحها ، فلما رجع بعد فرضه أخبر الأمير
__________________
(١) الحميري محمد بن عبد المنعم ، الروض المعطار في خبر الأقطار ، تحقيق إحسان عباس. بيروت : مكتبة لبنان ، ط ٢ ، ١٩٨٤ ، ص ٥٦٧.