بورتوبي وهما مرج سرقسطة ومرج الملك (١) ، أو العقبة كما يسميها ابن عميرة ، ولكن الوالي رفض هذا الرأي وأصرّ على النزول. ونشبت المعركة بين الجانبين في السفوح الغربية لتلك العقبة (الجبلين الصغيرين) ، ودارت رحاها بكل شراسة واستبسل فيها الطرفان ، وكان أمير طرطوشة من كبار المتحمسين لهذه المعركة فاستظهر لها بالعدة والقوة وأنذر أنه سوف يموت في جزيرة ميورقة وأنها ستكون من نصيب الصليب ، ولم يكن المسلمون أقل حماسة من أعدائهم حيث أبدوا شجاعة كبيرة في القتال.
وبينما الحرب على أشدّها وريح انتصار المسلمين فيها كادت أن تهبّ ، إذا برجل من قوم الوالي جاء إليه وقال إن النصارى قد احتدم ثأرهم وإنهم يسعون للسيطرة على مرتفعات بورتوبي ، التي كان الوالي قد رفض أن يبني عليها أمر الحرب حسب الخطة المعروضة عليه من قبل ، وخوّفه من عاقبة احتلال العدو لتلك المرتفعات وما يترتب عنها من انقلاب ميزان الحرب لغير صالحهم ، فراطن قومه أن يصعدوا إليها ويستتروا بها. ولما شرعوا في الصعود إليها والاعتصام بها ظن غالبية المسلمين أن الهزيمة قد حلّت بهم فولوا مدبرين وفرّ معظمهم إلى المدينة ولحقهم العدو ، وتحول الانتصار إلى انكسار والإقدام إلى إدبار. ولم يكن ذلك مردّه إلى قلّة عدد وعدّة المسلمين ولكن بسبب سوء تدبير الوالي واستعجاله وتصدع جبهته الداخلية.
وارتحلت القوات الصليبية بعد معركة بورتوبي نحو مدينة ميورقة وشرعت في فرض الحصار عليها برّا وبحرا في أواخر شهر شوال ، وأخذت في إنزال الآلات الحربية ونصبت حول أسوار المدينة الأبراج الخشبية التي
__________________
(١) ميجيل الكوبير ، الإسلام في ميورقة ، ص ٥٧.