أقيمت عليها المجانيق ، وضربت الأخبية وأرست سفن أسطولها في البحر وجعلتها قبالتها ، وقد أتمّت ذلك بسرعة فائقة. ثم أخذ الغزاة في دكّ أسوار المدينة وأبراجها بالمجانيق والقذائف المحرقة ، وكانت القوات الإسلامية تتسلل إليهم بين الحين والآخر وتقاتلهم وتشتبك معهم دون وهن ولا يأس. ولما رأى هؤلاء الغزاة أن ضرب المجانيق لم يحقق الهدف المطلوب رغم ما أحدثه من أثر في أسوار المدينة ، وأن عزائم المسلمين لم تفتر في المقاومة ، لجأوا إلى حفر الخنادق شمال شرق المدينة وغربها للوصول إلى المياه الجوفية ومحاولة تدمير أسس الأسوار بغية الولوج إلى الميدان الرئيسي ، ولكن المحاولة باءت بالفشل.
ولما رأى أهل البادية في الجزيرة ما حلّ بميورقة من حصار وخناق شديد فرضه عليها العدو الصليبي ، أخذتهم الغيرة على مدينتهم ودفعتهم الحمية للدفاع عن الإسلام والمسلمين ، فاستجمعوا عدّتهم وعددهم وتجهّزوا للقتال. وقبل الخروج للعدو أرسلوا إلى الوالي أبي يحيى التنملي أن يبعث إليهم رجلا يأتمرون بأوامره ويكونون طوعه ، فندب لهم واحدا من قومه معروفا بالجبن ليس أهلا لقيادة الجيش وهو الذي كان قد أشار على الوالي في معركة بورتوبي بالصعود إلى المرتفعات فوقعت الهزيمة بسبب ذلك. وما أن رأى جموع الروم حتى هاج به الجبن والخور ففرّ لا يلوي على شيء وكان السبب في تفريق جموع أهل البادية الذين لم ييأسوا وأعادوا على الوالي رغبتهم تلك واقترحوا عليه أن يبعث إليهم أحد أبنائه. ولكن الوالي الذي اشتهر بسوء التدبير أصرّ على أن يرسل إليهم الرجل نفسه رغم تشاؤمهم به وكرههم له ، فجرّ عليهم ذيل الويل بفراره مرّة أخرى أمام العدو الذي أحدث في أهل البادية مقتلة كبيرة وأمطر عليهم من البلاء سحبا غزيرة.
ولم تعدم جزيرة ميورقة وجود خونة باعوا شرفهم وارتموا في