أحضان العدو النصراني مرتدين عن دينهم مفارقين لأمتهم ، ومن هؤلاء أحد عمّال الجزيرة وهو ابن عبّاد الذي أقبل على الملك خايمي عارضا عليه ما يريد من خدمة مقابل أن يؤمّره على الجزيرة. وقبل الملك العرض وأحسن وفادته وأحاطه بكل رعاية وتكريم ، فخرج الخائن ابن العباد إلى البادية ينشر روح الهزيمة بين أهلها ويثبط عزائمهم ، ونجح في إقناع الكثير منهم باعتناق النصرانية ومصالحة الروم ، كما ظل يزود المعسكر المسيحي بالمؤن والأغذية طوال فترة الحصار. فجاءت هذه الخيانة ضربة قاصمة لوالي ميورقة ومن معه داخل الأسوار المحاصرة ، ونفسا قويا للملك خايمي الذي أتاحت له الفرصة في إطالة عمر الحصار بما ضمنه له الخائن ابن عباد من ميرة لمعسكره وعلف لحيواناته.
ولما ضاقت الأحوال بأهل المدينة واشتدت عليهم وطأة الحصار ، أداروا الرأي بينهم ورأوا أن يبعثوا إلى أهل البادية وقائدهم الخائن ابن عبّاد جماعة منهم تعظهم وتنشدهم الله والإسلام ، وتحثهم على ترك التعاون مع النصارى وموالاتهم. وخرجت الجماعة يرأسها خطيب المدينة فلقيت في طريقها من أيأسها مما فيه طمعت وهمّت بالانصراف ، ثم بدا لها أن تقيم الحجة على هؤلاء الخونة فواصلت طريقها حتى انتهت إليهم. وكان أهل البادية قد صالحوا الروم على شروطها وأرادوا توثيق هذا العقد ، وطلبوا من الجماعة التي جاءت تمنعهم ذلك أن تحضر معهم هذا الصلح ليكون عقده أوثق وأصح.
وحاول وفد المدينة إقناع أهل البادية بكل السبل للتخلي عن هذا الصلح لتعارضه مع الإسلام وما يجره على المسلمين من ويل ولكن دون جدوى ، بل إن أعضاء الوفد سيقوا بالقوة إلى الملك خايمي الأول على يد أهل البادية الذين أخبروه بأن البلد في حكمهم. وبعد حبسهم وإذلالهم أمرهم