النصارى بقيادة ملكهم خايمي الأول وقرروا اقتحام مدينة ميورقة لأن ظروف الحصار لم تعد في صالحهم ، فقد توجّسوا خيفة من أهل البادية الذين نقضوا الصلح معهم ، وازدادت الأحوال الجوية في فصل الشتاء سوءا حيث اشتد البرد وهاج البحر ، ولم يأمنوا ردّ فعل قوي من طرف أهل الجزيرة المحاصرين الذين كان بإمكانهم استغلال الظروف المذكورة لصالحهم وفك الحصار المضروب عليهم.
وفي صباح اليوم الموالي أمر الملك خايمي بالهجوم العام والشامل على المدينة التي تمّ اقتحامها من الثغرات المفتوحة في الأسوار ، وانهالت عليها جموع العدو التي ألهب حماسها الأساقفة ورجال الدين ، وكان يوما عصيبا على مسلمي ميورقة وأذكر بهوله هول يوم القيامة كما وصفه المؤلف. وتواصل القتال طوال يومي الأحد والإثنين ١٣ و ١٤ صفر ٦٢٧ ه بكل شراسة وعنف وتكدّست أكوام من الجثث على معابر الثغرات وأزقة المدينة نتيجة للمقاومة العنيفة ، وكان والي ميورقة يقود القتال بنفسه ويحث جنوده على الثبات ، ولكن حدّة الهجوم الشديدة وخيانة المرتد ابن عبّاد الذي أطلع العدو على ثغرات المدينة وطرقها ، لم تجد معها بسالة المدافعين ، وسقطت المدينة بعد قرابة أربعة شهور من الحصار ، حيث تسلّمها الملك خايمي يوم الثلاثاء ١٥ صفر ٦٢٧ ه / ١ يناير ١٢٣٠ م ، وأباحها لغزاته ينهبون ويقتلون. وقد بلغ عدد قتلى مسلمي مدينة ميورقة أربعة وعشرين ألفا وهي مجزرة رهيبة ارتكبها نصارى قطلونية وأراغون في حق هؤلاء بكل قسوة ووحشية.
ووقع أبو يحيى التنملي والي ميورقة وجزر البليار في قبضة العدو الذي سجنه وعذبه عذابا شديدا وعاش خمسة وأربعين يوما في النكال الشديد والهول المذيب للحديد ، حيث طلب منه الكشف عن الكنوز والأموال التي كانت عنده ، كما أحضروا أحد بنيه بين يديه وقتلوه تنكيلا