٧٥٠ مترا ، ثم تنعرج حسب زاوية قائمة لتلتقي بمنهج تميم. فيتشكل أمامنا مستطيل طوله فقط يكون اعتباطا ، لكن عرضه يساوي ٨٥ مترا (١). ولنستمر في تصورنا معتمدين سيفا إلى أبعد حد. نكون بذلك في حاجة إلى سكة يكون عرضها عشرين ذراعا ـ أي ١١ مترا ـ بمعنى سكة من الصنف الثالث تقع بعد المنهج والسكة المركزية. هذه السكة تقسم المستطيل قسمين في اتجاه الطول ، وتفتح على حزام الوصل بين السكة الرئيسية والمنهج. إن القطيعة تتحدّد بهذه السكّة الثالثة وعلى هذا النحو تمتد قطيعتان ضمن المستطيل على عرض يقارب ٣٧ مترا ، وهو يتجاوز قليلا ما وقع تقريره (٢). وتتجدد البنية ذاتها من الجانب الثاني من السكة المركزية. هنا أيضا نجد قطيعتين ، دون أن نعلم ما إذا كان الاتصال يتم في اتجاه المنهج المسند فقط أو أنه يرتبط بمنهج القبيلة المجاورة التي هي أقرب. وبذلك يصبح نص سيف واضحا حيث تقع الدور «من وراء» شبكة السكة وفيما بينها ، أي على جانبي السكك الثانوية (٣). يبقى مطروحا على النظر مشكل أخير هو مشكل الأزقة وعرضها ٧ أذرعة أي ٨٠ ، ٣ أمتار. لم يتحدث سيف عنها إلا في البداية ضمن قائمة المصطلحات التي قررتها السلطة مسبقا ، لا في بقية النص ، لكنّا نعلم من الروايات اللاحقة عن الثورات أن الأزقة كانت كثيرة. لكن هل كانت موجودة فعلا من البداية؟ أم هي انبعثت من كثافة المساكن وتراكمها ، وتضييق السكك ، كي يوسع المجال الضروري للاتصال بالنسبة لكل مجموعة من الدور؟ الاتجاه النقدي الصارم يوجب علينا قبول فكرة تهيئة الأزقة من الأوّل ، حيث أننا رضينا بكل أقوال سيف. لكن على أية صورة تكون هذه الأزقة؟ هل كانت عمودية بالنظر لسلسلة المناهج الرئيسية ، أو منحرفة ، مشكّلة بذلك مخططا في هيئة رقعة ، أم كانت موازية لها تنظم وتشق صفوف الدور المتواجهة أو كليهما في آن؟ لن نعرف ذلك أبدا ، لكننا نتكهن أن هذه المدينة الكاملة الهندسة ، الواسعة التهوية ، سوف تتحول انطلاقا من نقطة الضعف هذه ، إلى مدينة ملتوية غصّت بأهلها ، وقد حصل ذلك جزئيا حين كان أبو مخنف يؤلف كتبه (٤) (فيما بين سنة ١٣٠ و ١٥٠ / ٧٤٨ ـ ٧٦٧). على أننا نعلم أن دور الفترة المبكرة
__________________
(١) نحصل على هذا الرقم بطرح ١٦ مترا من الشارع الثانوي المنتصف ، من ٢٠٨ أمتار ، ثم تقسم النتيجة على ٢. يطابق هذا الرقم على سبيل التقريب ضعف عرض القطيعة كما ضبطها سيف ، أي ٦٠ ذراعا ، على أن تتمّ إضافة الزقاق.
(٢) لا شك أن هناك فارقا قدره ٥ أمتار وزيادة. فلا بدّ أن قطائع قسم الجنوب كانت أكثر مطابقة للحجم المقرر من القطائع الأخرى. ولا بدّ أنها كانت خلافا لذلك ، أكثر ضيقا في الشمال.
(٣) الواقع أن الأمر غير ثابت. فماذا يعني بقوله «من ورائها وفيما بينها»؟ لا يمكن أن يكون ذلك خلف المناهج الكبرى ، بل وراء وبين السكك الثانوية المتقاطعة ، بحيث تكون في شكل مستطيلات.
(٤) هذا واضح تماما في الرواية المتعلقة بثورة حجر بن عدي المزعومة : الطبري ، ج ٥ ، ص ٢٥٢. كان حجر