في المسجد الإسلامي واعتبر مع مسجد البصرة نموذجا له (١).
ذكرنا أن سيفا كان يقول بوجود مسجد مبني في ولاية سعد ومنذ البداية ، كانت سقوفه ذات فسيفساء بيزنطية ، ومحمولة على أعمدة من رخام انتزعت من أحد القصور الساسانية. فماذا فعل زياد؟ قيل إنه أعاد بناء المسجد بأعمدة وردت من الأهواز ـ «تنقر ثم تثقب ثم تحشى بالرصاص وسفافيد الحديد» ـ وقيل إنه أضاف له الأروقة (٢). وجملة القول إن الأمر تعلق هنا بتحسينات أدخلت في مخطط سعد ، بأن تمّ رفع السقف ، واستبدل بالخليط المقتبس شكلا هندسيا مبتكرا متصورا. فلم توجد في كل حال أقواس بل سقف مرتفع جدا تحمله أعمدة من حجر مغطاة بتيجان على شكل ورق الأقنثة (٣) لكنها فارسية الطابع ، وبفضلها تم رفع السقف. وبعد مدة ، تعجب ابن جبير من ذلك ، متحدثا عن خمسة أبلطة موازية للقبلة وبلاطين في كل جناح من الأجنحة الجانبية (٤). لا فائدة من الدخول في نقاش أثاره كرسويل بشأن منطلق مثل هذا التصور للمكان (٥). لا شك قطعا أن التأثير الفارسي موجود وهو يتمثل في نحت الأعمدة العالية وهي خاصية فارسية أصيلة (٦) وأيضا الزيادة في ارتفاع السقوف (مثلا الإيوان بالمدائن). لكن ينبغي التأكد من الصلة بين العنصرين في المعمار الساساني قبل الاعلان عن وجود تسلسل ما ، يعود إلى «الابدانا» (٧). وإلّا وقعنا مجدّدا في حضريّة سطحية وتحكميّة في آن.
__________________
كمصدر لحجر ـ لا رخام ـ الأعمدة ، فذلك خاص بالبصرة ، خلافا لقول سيف.
(١) هذا هو مشكل الأسبقية : هل كان البدء في البصرة أم في الكوفة؟
(٢) الطبري ج ٤ ، ص ٤٦. ورد ذكر ارتفاع ٣٠ ذراعا ـ ويحتمل أنها كانت سوداء ـ يعني أكثر من ١٥ مترا ، وكذلك المجنبات والمواخير ، وهي كلمة يعسر التدقيق في معناها في هذا المجال : راجع في هذا الموضوع الجنابي ، مرجع مذكور ، ص ١٢٠. وتقديرا للتوسيع ، نذكر رقما اقترحه ياقوت في معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٩١ ، أي ما يسع ٦٠٠٠٠ شخص بدل ٤٠٠٠٠ في ولاية سعد.
(٣) استخرج عمودان بفضل الحفريات : الجنابي ، مرجع مذكور ، ص ١٢٢.
(٤) رحلة ، ص ١٨٨ وما بعدها ، أكد بالخصوص على مواد البناء ونوعها وهي تتركب من حجر ، وعلى الارتفاع الاستثنائي الذي كان للأعمدة ، وغياب القباب ، راجع المقدسي أيضا : أحسن التقاسيم ، ص ١١٦ وما بعدها.
(٥) Art.» Architecture «,E.I. / ٢. ، وراجع خاصة : Early Muslin Architecture ,I ,p.٤٤.
(٦) أليست برسيبوليس هي التي تحتوي على أعلى عمود في معمار العصور القديمة : راجع Roman Ghirshman. L\'Iran des origines a ? l\'Islam, p. ٥٧١ كان التأثير الشامي الروماني في عصر الساسانيين قد تسرب إلى الزخرف وهو عبارة عن نقش على شكل الأغصان ، وأوراق الأقنثة (قصر بيشابور):.Ibid.,p.٥١٣ انظر بتوسع :.Ghirshman ,L\'Univers des Formes ,II
(٧) يعني إنكار كل تأثير فارسي ، كما فعل أحمد فكري ، التعبير عن سوء النية : الجنابي ، مرجع مذكور ، ص ١٢٥.