كان المسجد مربع الشكل تقريبا ، لأن الحفريات الأثرية المتعلقة بأسسه حددت ١١٠ من الأمتار لحائط القبلة ، و ١٠٩ من الأمتار للشمال ، و ١١٦ مترا للضلع الغربي والشرقي. كان المسجد محصنا مسورا ، وكانت أبراج نصف دائرية تتخلل الحزام ، وقد تمكن في بعض الأوقات من استقبال كل المقاتلة أي حوالى ٠٠٠ ، ٦٠ شخص. ومن المفروغ منه أن الفتحات التي تصورها كرسويل ، وناقش في عددها الجنابي معتبرا مع ذلك أنها موجودة فعلا ، وهي ٥ شمالا و ٤ جنوبا و ٣ شرقا وغربا ، كانت تقوم على فرضية خاطئة تماثل بين الصحن المرسوم برمية السهم منذ التخطيط الأول ، وبين مساحة المسجد ، وهي لا تطابق الواقع في شيء. ويمكن إحصاء ثلاثة أبواب في المسجد على أقل تقدير ، هي باب الفيل شمالا ، وباب كندة جنوبا أو غربا ، وباب آخر يربط بين القصر وحجرة الصلاة ، وهو ما أثبته التنقيب ، ولعله باب السدّة الذي تحدث عنه البراقي بالاعتماد على مصادر الشيعة. وقد ذكر أيضا باب الأنماط الذي يفتح على السوق أي من جهة الشرق (١). وبذلك تكون أربعة أبواب على الأقل منها ثلاثة للعموم. ويحيط الشك بخصوص باب كندة الذي يكتب أحيانا بصيغة الجمع (أبواب كندة) وبذلك نستبعد ما ذكره كرسويل من فتحات كما نستبعد الفتحات الثماني التي ذكرها أحمد فكري واقتبسها عنه الجنابي (٢).
ومن المحتمل أن يكون المسجد الحالي موجودا على أرض المسجد القديم. إن مظهره المحصن المهيب يوحي بصورة المسجد الذي كان قائما في القرن الأول ، إذا ما نظرنا إليه من الخارج فقط. الواقع أنه مسجد متأخر أعيد بناؤه بواسطة مواد مأخوذة من القصر. والرأي السائد أن مستوى المسجد القديم ربما كان يطابق آثار «السفينة» الموجودة تحت الأرض ، على عمق عدة أمتار من المستوى الحالي (٣). وبذلك لعل المسجد القديم ، على الأقل مسجد العصر العباسي ، مدفون تحت المربع الحالي الذي يشغله المسجد إلا أن مكانته الدينية ربما تحول دون التنقيب الأثري المنسق كما حصل في القصر.
قصر زياد
كشفت التنقيبات عن ثلاثة مستويات : مستوى أول مطابق للعصر الأول (دار سعد؟) عمق أسسه ٩٠ سنتمترا على أرض عراء ، ومستوى ثان من العصر الأموي وهو الأهم ، وأخيرا المستوى العباسي الذي لم يكن سوى ترميم للقصر الأموي (٤). وبذلك فما
__________________
(١) البراقي ، ص ٣١ ـ ٣٢.
(٢) Creswell ,ouvr.cit.,pp.٧٢١ ـ ٨٢١.
(٣) Ibid.,p.٨١١.
(٤) M.A.Mustafa ,Art.cit.,p.٧٣.