بعض الملاحظات عن الجدول الأول : لم يرد في القائمة مسجد المعادل الذي حدد موضعه خطأ بفهرس تاريخ الطبري (١) ، وعند الجنابي (٢) بالكوفة مع أنه كان يوجد في البصرة. كما أننا أغفلنا عمدا إضافة مساجد العصر العباسي إلى القائمة ، منها مسجد المروزية (٣) ، ومسجد وكيع بن الجراح (٤) ومسجد دار اللؤلؤ الذي ذكره ماسينيون بدون أي سند. ولا يمكن ادراج مسجد الموالي بتاتا في هذا الجدول ، لأنه كان يقع خارج الكوفة بشراف ، بعيدا جدا عن القادسية كما ورد في الاشارة الوحيدة المتوفرة لدينا (٥). فقد أخطأ ماسينيون حينما حدده بالكناسة عند بني أسد (عشيرة كاهل) قائلا : «أرى أن مسجد الموالي أقيم في هذه العشيرة الأخيرة التي كثرت مواليها ، فكانت تسمية فريدة لفت إليها النظر غولدزيهرGoldziher (٦). فإن كانوا فعلا موالي لأسد (٧) ، فإن المقصودين بالذات هم بنو أسد المتواجدون في البادية قريبا من طريق الحج ، لا أولئك المقيمون بالكوفة (٨) : ذلك أن هذا المسجد كان يبعد عن الكوفة ١٣٠ ميلا (٩) أي ٢٦٠ كيلومترا.
كان كتاب الطبري أضمن مصدر لضبط هذا الجدول ، فقد أمدنا بأكبر قسم من أسماء المكان وتلاه البلاذري ، ونقل ابن الفقيه عن البلاذري واعتمد كذلك مصادر الشيعة التي استفاد منها البراقي كل الاستفادة. فقد اقتبس البراقي معلوماته عن المجلسي وعن الحر العاملي وعن كتب الزيارات (١٠) ، فذكر أسماء مساجد لم يرد ذكرها في المصادر المعروفة ، منها مسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد صعصعة ومسجد تيم. وأورد بالخصوص ما رواه الشيعة عن المساجد المباركة والمساجد الملعونة ، فجاء ذلك قراءة معيارية جديدة لمواقع الكوفة من طرف الضمير الشيعي. وتظهر هذه القراءة المستجدة نفسها اسقاطا على الفضاء لرؤية خاصة بتاريخ المدينة في القرن الأول. وقد قامت هذه الرؤية أصلا على جدلية الصديق والعدو. فقد تعرّض كل الأشخاص والعشائر الذين واجهوا «قضية الشيعة» بالفتور والعداء ، لأن تصنف مساجدهم وخططهم أيضا في صنف الملعون. فكان الأمر
__________________
(١) الطبري ، ج ١٠ ، ص ٥٤٩.
(٢) الجنابي ، ص ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) الأغاني ، ج ١٨ ، ص ٤٢.
(٤) ابن سعد ، ج ٦ ، ص ٣٩٨.
(٥) الطبري ، ج ٧ ، ص ٦٣٢.
(٦) Massignon ,op.cit.,p.٤٥.
(٧) الطبري ، ج ٧ ، ص ٦٣٢.
(٨) اليعقوبي ، كتاب البلدان ، ص ٣١١.
(٩) ابن خرداذبه ، المسالك ، ص ١٢٦.
(١٠) البراقي ، ص ٤٤.