أصحاب أبي حنيفة (١). وتذكر مصادر الأماكن والمواقع في الكوفة وضواحيها عددا من الرجال البارزين في بجيلة : دار أبي أرطاة بن مالك البجلي ، نهر خالد ، سوق أسد وهو قرية حملت اسم أسد بن عبد اللّه القسري (٢).
٣ ـ مقارنة مع الأمصار الأخرى :
لا يسعفنا في فهم خصائص الكوفة ، وإدراك ميزاتها ، إلا مقارنتها بأماكن أخرى للهجرة العربية في القرن الأول ، استقرت فيها قبائل يمنية. وهنا نصطدم بغموض معنى كلمة يمن التي أردنا ، من جهتنا ، أن نحدّدها ، فميّزنا فيها بين النواة المركزية والأطراف ، فاستثنينا منها ، على أية حال ، جماعات قبلية كقضاعة والأنصار ، مثلا.
أ) لا نجد في البصرة أية عشيرة تنتمي إلى النواة اليمنية؛ فالتعديل الذي أدخله زياد على التنظيم العسكري ، حينما جعله أخماسا ، يظهر جماعات فيها هيمنة قيسية واضحة (أهل العالية) ، وجماعة من تميم ، وأخرى من بكر ، وأخرى أيضا من عبد القيس (وكلا هذين الأخيرين من ربيعة). وهناك أيضا خمس آخر مؤلف من الأزديين ، وتشارك فيه معظم العشائر ، ولكن بهيمنة واضحة لأزد عمان على أزد السراة (٣) على الرغم من أن هؤلاء وصلوا مع بدء الاستقرار ، في حين أن أزد عمان لم يصلوها إلا في نهاية حكم معاوية (٤). لم تتمثل اليمن في البصرة إلا بالأزديين وحدهم ، أي بجماعة من الأطراف ومن عمان بالأساس ، لا بقبائل يمنية قديمة. ولئن كان الأزديون قد تمكنوا من إنشاء تحالف قوي استطاع أن يقف في وجه تميم ، واكتسبوا في البصرة ، أو حملوا إليها معهم ، وعيا يمنيا قتاليا وحربيا ، فتلك مسألة أخرى سنتفحصها على حدة.
ب) كذلك ، لا نعثر على يمنيين في الجزيرة ، شمال العراق ، بل نعثر على
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٢) فتوح ، ص ٢٨٤ وما يليها. لعب خالد القسري دورا مهما في استصلاح السواد ، فحفر فيه قنوات الري ، إلخ ... كما لعب دورا مهما في بناء الكوفة : فهو الذي بنى الأسواق وسقفها فكانت نموذجا لأسواق بغداد في ما بعد ، على حدّ قول ماسينيون. حول دور خالد في العراق ، راجع البلاذري ، أنساب الأشراف ، مخطوط إسطنبول ، نسخة باريس ، الصفحات ١٧٣ ـ ١٩٢.
(٣) صالح أحمد العلي ، التنظيمات الاقتصادية .. بالبصرة ، بغداد ، ١٩٥٣ ، الملحق.
(٤) Welhausen,Das Arabische Reich und sein Sturz ، الترجمة العربية ، القاهرة ، ١٩٥٨ ، ص ٣٨١.