أن هؤلاء القادة شاركوا أيضا في فيء جلولاء بصفتهم شركاء في الملكية. على أن التصرف أنيط بعهدة الأمراء ، أي الماسكين بالقيادة كهاشم ، وخالد بن عرفطة ، والقعقاع ، وزهرة بن الحوية ، وجرير بن عبد الله البجلي ، فاستثني قادة الردة من التمتع فعلا بهذه الأراضي (١). الحقيقة أن القادة الرئيسيين وقع اختيارهم من أهل الأيام ، لكن لم يكونوا منهم جميعا دون شك ، وبذلك يكون التعريف الذي اقترحه شعبان جريئا نوعا ما ، ومفاده أن أهل الفيء هم أهل الأيام (٢). إن العهد إلى كوادر الجيش بالتصرف في أراضي الصوافي يعني أن امتيازا مشطا سلم إلى هذه النخبة الإسلامية التي أراد لها عمر أن تتميز من العامة فأفردها بوضع متميز من الرؤساء التقليديين ، بداية من وقعة القادسية. وكما سنرى لاحقا ، فقد طرح هذا الإقصاء قضايا خطيرة (٣). لكننا على جهل بالأهمية الحقيقية التي كان عليها التفويض الذي تمتع به الأمراء والكيفية التي استثمروا الأرض بها ، وكيف وزعوا على عامة المستحقين ما يستحقونه (٤). وأقصى ما نعلم أن الكثيرين منهم استقروا في قلب السواد (٥) ، ونستشعر بأنهم ربما قاموا في أراضي الصوافي بدور شبيه بدور الدهاقين في أراضي الخراج.
تلك كانت القواعد التي أجملناها والمتعلقة بالتنظيم العربي الذي ساد العراق ، وقد سبق أن وضعت خلال مرحلة المدائن. لكن من الواضح تماما أن الخيارات إذا كانت واضحة واستخدمت كمخطط للمستقبل ، فلا بد أن الترتيب الفعلي ظل يكتنفه الغموض. والأرجح أن نسب العطاء لم تتحدد إلا عند إقامة الديوان ؛ كما أن إنشاء مؤسسات الإحصاء ، وتوزيع الأعطيات ، والتجنيد ، لم يتمّ إلا بعد التحوّل إلى الكوفة.
__________________
(١) الطبري ، ج ٤ ، ص ٣٢. جاء في جملة لسيف ما يؤكد أنه كان موجودا ضمن حملة جلولاء ، التي كانت عملية مربحة قبل كل شيء ، «وجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب ممن ارتدّ وممن لم يرتد» : المرجع نفسه ، ص ٢٥. إذن وقعت هنا تنقية واختيار لفوائد محتملة. وبخصوص التصرف في هذه الأراضي ، راجع شعبان :) Shaban, Islamic History, p. ٣٥ (، الذي جعل منها قضية قرّاء واعتبرهم خطأ أهل الأيام ، في حين أن الأمر يعني فئة خاصة تجاوزت الترتيب الزمني للمعارك ، ذاكرا وضعية القعقاع ـ الذي كان أميرا ـ لا قارئا ـ فكان مرجعه الوحيد.
(٢) Shaban ,Islamic History ,p.٣٥
(٣) وجدت الثورة على عثمان جذورا لها في هذا الوضع ، لكن المعوزين طالبوا قبل ذلك بالتقسيم بصفتهم مستحقين ، لكن الأغلبية لم تكن لترضى به : الطبري ج ٤ ، ص ٣١ حيث يقول : «فكان بعض من يرق يسأل الولاة قسم ذلك فيمنعهم من ذلك الجمهور ، أبوا ذلك ، فانتهوا إلى رأيهم ولم يجيبوا». انظر أيضا : ج ٣ ، ص ٥٨٦.
(٤) يمكن أن يكون تقسيم المداخيل متساويا بين الشركاء في الملكية في الكوفة كما في البصرة (الطبري ، ج ٤ ، ص ٧٥) بعد طرح الخمس لفائدة بيت المال.
(٥) المرجع نفسه ، ج ٤ ، ص ٧٥.