أن ضلع معبدها وهو عنصر مركزي ، كان قياسه غلوتين (قرابة ٤٠٠ متر). أما مساحة ميسان Myce ? nes ، فكانت خمسة هكتارات.
إن هذا الفضاء الواسع الذي خلف القلعة القديمة لبلاد الرافدين ، سيشمل المسجد ذاته ، وقصر الوالي ، والأسواق ، وخصص خلاء لساحة كبرى استخدمت للاجتماعات وعرفت بالميدان أو الرحبة. فلا عجب إن كان لهذا المجال مثل هذه الأبعاد ، ولا سيما أن أفراد الطبقة الارستقراطية تمكنوا من قضمه بعد ذلك ، مع العلم أنه صح العزم على أن يبقى خارج كل نية تروم بناء المساكن الخاصة.
من أول نظرة يبدو نص سيف مبهما ومغلطا ، لكنه صريح في كل ما سبق قوله. إذ لم تكن هناك حاجة إلى أن ترسم أولا الخطوط الأولية لمحيط المسجد ، إذا وجب بعد ذلك دعوة الرامي الماهر لتحديد المسجد ذاته.
يقول سيف :
«فأول شيء خطّ بالكوفة وبني حين عزموا على بناء المسجد ، فوضع في موضع أصحاب الصابون والتمّارين من السوق فاختطوه. ثم قام رجل في وسطه رام شديد النزع فرمى عن يمينه فأمر من شاء أن يبني وراء موقع ذلك السهم ورمى من بين يديه ومن خلفه وأمر من شاء أن يبني وراء موقع السهمين» (١).
وهذه الآن الجملة الحاسمة : «وترك المسجد في مربعة غلوة من كل جوانبه». إنها جملة غامضة في تركيبها. لكنها واضحة بما يكفي لاستخلاص الاستنتاجات الآتية :
أ) لا يدل لفظ مسجد على فضاء ما ، بل على الجهاز الديني المعروف (٢).
ب) أقحم هذا المسجد المربع الشكل في محيط مربع أيضا أوسع منه ، تحددت أبعاده بالغلوة فعلا. هذا وإن رمية السهم تفصل مركز المسجد عن أقصى نقطة في المحيط ، مع وجوب مضاعفة ضلع المحيط. وهو ما يدل عليه معنى الجملة التي ذكرها : «فترك المسجد في مربعة غلوة من كل جوانبه» (٣). ما هو الاسم الذي سمى به المؤلف هذه المساحة المركزية ، إذا كان علينا أن نفهم كلمة مسجد في خصوصيتها الدينية الضيقة؟ استخدم لذلك كلمة صحن عدة مرات بعد ذلك ، علما أنه لا ينبغي فهمها بالمعنى المتأخر أي أنها ساحة مكشوفة
__________________
(١) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٤.
(٢) ذلك ما أدركه Grabar جيدا ، خلافا لما أبداه لامنس من رأي : Lammens ,Middle Eastern Cities ,.p.٢٣. ولا سيما ماسينيون ؛.Massignon ,op.cit.,p.٢٥.
(٣) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٤.