وربما يدخل فيه إذا كانت في غير محلّها ، كما لو مدح إنساناً (١) قبيح المنظر وشبّه وجهه بالقمر ، إلاّ إذا بنى على كونه كذلك في نظر المادح ؛ فإنّ الأنظار تختلف في التحسين والتقبيح كالذوائق في المطعومات.
التورية ليست من الكذب |
وأما التورية ، وهي (٢) : أن يريد بلفظٍ معنىً مطابقاً للواقع وقصد من إلقائه أن يفهم المخاطب منه خلاف ذلك ، مما هو ظاهر فيه عند مطلق المخاطب ، أو المخاطب الخاص كما لو قلت في مقام إنكار ما قلته في حقّ أحد : «عَلِمَ الله ما قلته» ، وأردتَ بكلمة «ما» الموصولة ، وفَهِم المخاطب النافية ، وكما لو استأذن رجل بالباب فقال الخادم له : «ما هو ها هنا» وأشار إلى موضع خالٍ في البيت (٣) ، وكما لو قلت : «اليوم ما أكلت الخبز» ، تعني بذلك حالة النوم أو حالة الصلاة ، إلى غير ذلك فلا ينبغي الإشكال في عدم كونها من الكذب.
ولذا صرّح الأصحاب فيما سيأتي من وجوب التورية عند الضرورة (٤) ، بأنّه يورّي (٥) بما يخرجه من الكذب ، بل اعترض جامع المقاصد على قول العلاّمة في القواعد في مسألة الوديعة إذا طالبها ظالم ، بأنّه «يجوز الحلف كاذباً ، وتجب التورية على العارف بها» : بأنّ
__________________
(١) في «ش» : إنسان.
(٢) كذا في نسخة بدل «ص» ، وفي النسخ : وهو.
(٣) في ظاهر «ف» : في البيت خال.
(٤) ستأتي تصريحاتهم في الصفحة ٢٢ و ٢٣.
(٥) في «ش» : يؤدي.