يلي عمر من الخلفاء ، وقد كان الأمر كذلك ، فأدناه عثمان ، واحتل الصدارة في ديوانه ، والمنزلة الرفيعة لدى الأمويين كائداً ودساساً.
ومهما يكن من أمر ، فقد طعن أبو لؤلؤة غلام المغيرة عمر بن الخطاب ، وحمل الرجل إلى المنزل وبه ست طعنات مميتة ، وهو واهن العزم منهد القوى ، والتفت إلى ولده عبد الله : اخرج وانظر من قتلني ، فخرج وعاد « قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة » فقال عمر : « الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة ».
وعم المدينة صمت رهيب ، فقد تدانى أجل عمر ، وانتهى في اليوم الثالث كما خطط كعب الأحبار والطبقة الارستقراطية من قريش ، على يد فارسي مجوسي ، وقبيل وفاته التفت عمر إلى من حوله وقال :
« لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته ، وقلت لربي لو سألني : لقد سمعت نبيك يقول : إنه أمين هذه الأمة. ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لاستخلفته ، وقلت لربي لو سألني : لقد سمعت نبيك يقول : إن سالماً شديد الحب لرسول الله ».
وتناسى عمر قوله : إن الخلافة في قريش ، فكيف يعهد لسالم مولى أبي حذيفة وهو مولى ، وتناسى بأمانة أبي عبيدة أن علياً أمين هذه الأمة ، وأن علياً شديد الحب لله ولرسوله ، وقد اجتمعت به صفة ما وصف به الرجلين أضف لها مئات الصفات الكريمة الأخرى ، وتناسى علياً في ثباته وصلابته ، وعلمه وفقهه ، وعدله وصرامته ، وجهاده وسابقته ، وزهده وورعه ، ولكن السياسية القرشية رسم لها إقصاء علي إلا لماماً.