ورهقه الناس وهو في صحوة بعد غشية : لو عهدت يا أمير المؤمنين ؛ فرفع عينيه مشيراً إلى عليّ :
« قد كنت أجمعت بعد مقالتي أن أولي أمركم رجلاً أحراكم أن يحملكم على الحق ».
وتهامس الناس من حوله أن عمر سيولي علياً ، ولكن عمر استدرك :
« لقد رهقتني غشية ، فرأيت رجلاً دخل جنة ، فجعل يقطف كل غضة ويانعة ، فيضمها إليه ويصيرها تحته ، فخفت أن أتحملها حياً وميتاً ».
وتأول الأمر بصرف الأمر عن علي عليهالسلام لرؤيا تصدق وتكذب ، وخشي أن يتحملها حياً وميتاً وهو القائل : « والذي بعث محمداً بالحق ، لو أن جملاً هلك ضياعاً بشط الفرات لخشيت أن أسأل عنه ».
ولكن عمر تحملها حياً وميتاً ، وقال : « إن رسول الله مات وهو راضٍ عن هؤلاء الستة من قريش : علي وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم ».
ولكن عمر رسم معالم الخلافة من بعده ، بل عينها وشدد القبضة عليها ، وقال لمن حوله : « ما أظن إلا أن يلي أحد هذين الرجلين : علي أو عثمان ، فإن ولي عثمان فرجل فيه لين ، وإن ولي علي ففيه دعابةٌ ، وأحرِ به أن يحملهم على طريق الحق ».
فما منعه إذن أن يختار الرجل الذي يحملهم على الحق بشهادته ومعرفته. وحق لعلي عليهالسلام أن يحتج على هذه المقارنة غير العادلة