فيقول : « فيا الله وللشورى؟ متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ».
وخرج أصحاب الشورى من عمر وكل يرى نفسه أهلاً للخلافة ، إلا أمير المؤمنين فقد أدرك أن عمر نص على عثمان ، وأن الشورى صورية ، وأنه تخطيط مسبق محكم واعٍ لا يفوته شيء ؛ والطريف أن عمر لم يترك الأمر على سجيته بل أحكمه إحكاماً ، وأبرمه إبراماً ، واستدعى إليه أبا طلحة وهو في لحظاته الأخيرة ؛ وقال : « يا أبا طلحة إذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم ، وخذ هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله ، واجمعهم في بيت واحد ، وقف بأصحابك على باب البيت ، ليتشاوروا ويختاروا واحداً منهم ، فإن إتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه ، وإن إتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب عنقيهما ، وإن إتفق ثلاثة فانظر الثلاثة الذي فيهم عبد الرحمن بن عوف وارجع إلى ما إتفقوا عليه ، فإن أصر الثلاثة على خلافهم فاضرب أعناقهم ، وإن مضى الستة ولم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستة ، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم ».
واضح أن عمر منح لنفسه صلاحيات لم يسبق إليها ، فقد جعل عبد الرحمن بن عوف رئيساً لمجلس الشورى هذا ، وقد أناط الانتخاب برأيه وموافقته ، ولغيرنا أن يسأل : كيف يأمر عمر بقتل من مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عنهم راضٍ.
وعلم العباس بن عبد المطلب بالأمر ، وتناهت إليه الأنباء فقال لعلي عليهالسلام : « يا ابن أخي : لا تدخل معهم ، وأرفع نفسك عنهم ».
فما كان من علي إلا أن أجابه جواب الحكيم الصابر : « إني يا عم أكره الخلاف ».