« والله لا أكون كالضبع تنام على طول اللدم ، حتى يصل إليها طالبها ، ويختلها راصدها ، ولكني أضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه ، وبالسامع المطيع العاصي المريب أبداً ، حتى يأتي عليَّ يومي. فوالله ما زلت مدفوعاً عن حقي ، مستأثراً عليّ منذ قبض الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يوم الناس هذا ».
وصحت عزيمته باتباع آثارهم ، فتحول قصده عن قتال أهل الشام ريثما ينتهي ممن نكث البيعة ، وفارق الجمع ، فلم يكن له أن يبقى متأملاً وقد جدّ القوم ، ولا متردداً وقد حث المتمردون خطاهم بالمسير نحو البصرة ، فتنتقض عليه الأقطار واحدة بعد أخرى.
وكانت همّة المتمردين البصرة حتى إذا أدركوها وفتحوها ساروا إلى الكوفة وفيهما المال والفيء ، وبهما السلاح والرجال ، ومن حولهما الثغور والحدود ، فما ينتظر عليّ لو انتظر إلا أن تنتقض عليه الأطراف ، وتتجمع ضده الأشتات ، ومن وراءهم معاوية وأهل الشام ، فلو قعد لضاعت الخلافة وانتهى كيان الإسلام ، فما عليه إلا النهوض وهكذا فعل ، فاستنفر لذلك الناس في المدينة فنفروا خفافاً وثقالاً ، وسار فيهم سيراً حثيثاً عسى أن يدرك المتمردين قبل دخول البصرة ، فيحاججهم ويعظهم ويعذر إليهم ، عسى أن لا يكون قتال وسفك دماء.
وعلم المتمردون بذلك فساروا سيراً عنيفاً حتى سبقوا علياً إلى البصرة.
وسار موكب علي عليهالسلام بالمهاجرين والأنصار حتى وصلوا إلى ذي قار آملاً تدارك الموقف ما استطاع ، وقال :