فيهم ، فخرج بهم مناجزاً للإمام ، ولقي الخريت ومعه بنو ناجية رجلين في الطريق ، وسألوهما عن دينهما ، فكان أحدهما يهودياً ، والآخر مسلماً ، فأطلقوا اليهودي لأنه من أهل الذمة ، واستوقفوا المسلم ، فسألوه عن عليّ فأجاب خيراً ، فقتلوه ، وأخبر اليهودي عامل الإمام على السواد بما رأى ، فكتب العامل لعليّ عليهالسلام بذلك ، فأرسل الإمام كوكبة من جيشه لردهم إلى الطاعة ، وقتالهم إن أبوا ذلك ، وطلب إليهم قائد الجيش أن يسلموا قتلة المسلم ، فأبوا إلا الحرب ، وقامت الحرب على قدم وساق ، ولم يبلغ أحد من صاحبه شيئاً ، وأظلهم الليل ، فهرب الخريت وأصحابه إلى البصرة ، فأمر الإمام واليه على البصرة عبد الله بن عباس أن يتعقبهم ، ففعل ذلك ابن عباس جادّاً ، وهيأ جيشاً لقتالهم ، والتقى الجيشان بقتال شديد ، وبان الخذلان على الخريت وأصحابه ، فاتخذ الليل جملاً وهرب فيه ، وساحل الرجل بأصحابه ، وأنضم إليه المرتدون والمتمردون ، فتعقبهم جيش الإمام ، وحاصرهم محاصرة محكمة ، وقتل الخريت وأصحابه ، وأسر من بقي منهم ، فمن كان مسلماً منّ عليه وأطلقه ، واستتاب المرتدين ، فمن أسلم سرحه ، ومن لم يسلم أسره ، فكان الأسرى خمسمائة ، فمروا على عامل علي عليهالسلام : مصقلة بن هبيرة الشيباني ، وهو على كور من فارس ، فضجوا إليه ، فخلصهم من الأسر بالفداء وأعتقهم ، وتحمل عنهم فداءهم على أن يسدده أقساطاً لبيت المال ، وصوب عليٌّ رأيه ، ولكن مصقلة ماطل في الدين ، فطالبه ابن عباس بذلك فقال : « لو قد طلبت أكثر من هذا المال إلى عثمان ما منعني إياه ». وما لبث أن هرب إلى معاوية ، فاستقبله معاوية بالأحضان وآواه وأكرمه ، وبلغ علياً ذلك فقال : « ما له قاتله الله ، فَعل فِعلَ الأحرار ، وفرّ فرار العبيد ». وأمر بداره فهدمت لا أكثر ولا أقل.