بالله لئن كان ذلك حقاً لجملُ أهلك ، وشسع نعلك خير منك ، وإن اللعب واللهو لا يرضاهما الله. وخيانة المسلمين وتضييع أموالهم مما يسخط ربك. ومن كان كذلك فليس بأهل لأن يسّد به الثغر ، ويجبى به الفيء ، ويؤتمن على مال المسلمين ، وأقبل حين يصل كتابي هذا إليك ».
وواضح من لهجة هذا الكتاب شدّته في مال المسلمين ، ومن فحواه صرامته في ذات الله ، ومن فقراته تقويم تصرفات العامل ، وقدم عليه المنذر ، فاستجوبه الإمام ، فكان عليه من مال المسلمين ثلاثون ألفاً ، فأنكر المنذر ذلك ، فطالبه الإمام باليمين فأبى ، فأودعه السجن ، وضمنه صعصعة بن صوحان العبدي وكان من خيار صحابة الإمام ، فاستجاب له وأطلقه.
وبلغت الإمام غطرسة بعض ولاته مع أهل الذمة فكتب إليه يرفق بهم :
« أما بعد ، فإن دهاقين بلادك شكوا منك قسوة وغلظة واحتقاراً ، فنظرت فلم أرهم أهلاً لأن يُدنوا لشر لهم ، ولم أر أن يُقصوا ويجفوا لعهدهم. فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدة ، في غير أن يُظلموا. ولا تنقض لهم عهداً. ولكن تفرغ لخراجهم ، وتقاتل من ورائهم ، ولا يؤخذ منهم فوق طاقتهم ، فبذلك أمرتك والله المستعان. والسلام ».
إن هذه المهمات التي نهض بها الإمام في التتبع والإستكشاف ومعاجلته لها بما رأيت ، تكشف عن مدى حرصه على نشر العدل ، وحفظ الأمن ، وتوخي الأمانة. ومع هذا فلم يكن بمأمن من الدسائس حتى على صالحي عماله ، فهذا قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري في