« فكيف كانت سيرتهم؟ » فيقول الفارسي :
« ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة ، حتى ملكنا كسرى بن هرمز ، فأستأثر بالمال والأعمال ، وخالف أولينا ، وأخرب الذي للناس ، وعمّر الذي له ، واستخفّ بالناس ، فأوغر نفوس فارس ، وثاروا عليه فقتلوه ».
فقال الإمام عليهالسلام ، وهو يعني ما يقول :
« إن الله عز وجل خلق الخلق بالحق ، ولا يرضى من أحد إلا بالحق ، وفي سلطان الله تذكرة مما خوّل الله ».
وعناية الإمام في هذا الجانب تدعوه أن يذكّر الناس بالآخرة ، وطالما فعل ذلك ، وتدعوه أيضاً إلى تزهيدهم بالدنيا ، وطالما فعل ذلك أيضاً ، فهو يخطب بالناس في أكثر من موضع وموضع مؤكداً هذا الملحظ للعودة بالناس إلى الدين ، فقد قال في جملة ما قال من خطبة له :
« أخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل ان تخرج منها أبدانكم ، ففيها أختبرتم ، ولغيرها خلقتم ، إن المرء إذا هلك قال الناس ما ترك؟ وقالت الملائكة ما قدّم ».
ولكن القوم قد تمكنت منهم الدنيا ، فعليّ عليهالسلام يريد أن يدّبر أمر الدين ، وهم يريدون أن يدبروا أمر الدنيا ، فهما مختلفان. جاءه عبد الله بن زمعة يستميحه عطاءً إضافياً من بيت المال ، فنهره بقوله :
« هذا المال ليس لي ، ولا لك ، إنما هو فيء المسلمين ، وجلب أسيافهم ، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم ، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم ».