جهوري الصوت : يا أهل بيعة الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة ، إلى أين تفروّن؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله. والقوم يغروّن على وجوههم ، والمشركون في شعاب الوادي يصلونهم حمماً لاهبة ، فقال أبو سفيان - وهو قد أسلم فيما يزعم - لا تنتهي هزيمتهم دون البحر؛ أي المسلمين.
ونظر الني صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس ببعض وجهه ثم نادى : أينما عاهدتم الله عليه؟ فأسمع أولهم آخرهم ، فتراجعوا إليه في لفتة من مخائل إعجازه ، بعد أن انتشروا في الصحراء ، والتفوا حوله في مائة رجل ، ودارت معركة كبرى ابتدأت بإقبال فارس هوازن ( أبو جرول ) وهو على جمل أحمر ، وبيده راية سوداء ، وهوازن وثقيف تتبعه ، وهو يرتجز :
أنا أبو جرول لا براح |
|
حتى نبيح القوم أو نباح |
فصمد له علي عليهالسلام فقتله وهو يرتجز :
قد علم القوم لدى الصباح |
|
أني في الهيجاء ذو نطاح |
وكان في قتله النصر ، فقد انهزم المشركون شر هزيمة ، وانتعش المسلمون فهجموا هجمة رجل واحد ، بقيادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يباشر القتال بنفسه إلى جنب أركان حربه ، وهو يقول :
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطلّب |
والتحمت المعركة التحاماً مروّعاً ، ندرت فيها الرؤوس ، وهوت الفوارس ، وطاحت الأيدي ، فقال النبي : الآن حمي الوطيس ، وهي من كلماته القصار الجامعة لفنون المجاز والإيجاز ، وعليٌّ بين يديه يذود الكتائب ، ويزلزل الفرسان حتى قتل أربعين فارساً من القوم ، فشلت حركتهم ، وأخذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حفنة من التراب أعطاها إياه علي بن أبي