المؤمنين ، ففعل الناس ذلك كلهم حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين.
وكان موقف عمر بن الخطاب ( رض ) مشرّفاً في ذلك اليوم إذ طفح السرور على وجهه ، وقال : بخٍ بخٍ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ولكنه تناسى هذا الموقف فيما بعد ، وتغافل عن هذه التهنئة الحارّة ، وعن مغزاها في كلٍ من السقيفة وتعيين أهل الشورى.
وحينما صدع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الأمر في استخلاف علي عليهالسلام نزلت الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (١).
وما قدمناه من إيجاز مكثّف محل إجماع بين المسلمين كافة ، ورواته الثقات بالمئات ، وشهوده من المسلمين بالألوف ، وجاءت بعد ذلك التأويلات الفجّة لتجعل لهذا الحدث والحديث دلالات لغوية جديدة ، ولهذا النص التصريح إرادات بيانية مموهة ، فالمولى : يراد به المالك ، ويراد به الناصر ، ويراد به المعتق بالكسر والفتج ، ويراد به ابن العم ، ويراد به ضامن الجريرة ، ويراد به السيد المطاع ، كما يراد به الأولى. إلى غير ذلك مما يراد به ابتلاع الحديث والحدث جملة وتفصيلاً ، وتناسى من ساق هذه التعليلات والتفريعات المضنية أن التبادر العرفي العام عند العرب علامة الحقيقة ، وأن مقتضيات المقام النبوي في نزوله في هذه الهاجرة على غير منزل ، لا يراد به إلا الأولى الذي تجب له الولاية العامة على المؤمنين ، والمرجعية الكبرى للأمة في قضايا الدنيا والدين ، ولكن قريشاً أبت هذا ، وتناست هذا الموقف ،
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٣.