والمحقّق الحلّي (١) وغيرهم ، فإنّهم جميعاً عرّفوا علم الاصول بأنّه «علم أدلّة الفقه على وجه الإجمال» وحاولوا التعبير بذلك عن فكرة العناصر المشتركة.
ففي كتاب العدّة قال الشيخ الطوسي : «اصول الفقه هي أدلّة الفقه ، فإذا تكلّمنا في هذه الأدلّة فقد نتكلّم فيما يقتضيه من إيجابٍ وندبٍ وإباحة ، وغير ذلك من الأقسام على طريق الجملة ، ولا يلزمنا عليها أن تكون الأدلّة الموصلة إلى فروع الفقه ؛ لأنّ هذه الأدلّة أدلّة على تعيين المسائل ، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل» (٢).
ومصطلح الإجمالية والتفصيلية يعبّر هنا عن العناصر المشتركة والعناصر الخاصّة.
ونستخلص ممّا تقدّم : أنّ ظهور علم الاصول والانتباه العلمي إلى العناصر المشتركة في عملية الاستنباط كان يتوقّف على وصول عملية الاستنباط إلى درجةٍ من الدقّة والاتّساع وتفتّح الفكر الفقهي وتعمّقه ، ولهذا لم يكن من المصادفة أن يتأخّر ظهور علم الاصول تأريخياً عن ظهور علم الفقه والحديث ، وأن ينشأ في أحضان هذا العلم بعد أن نَما التفكير الفقهي وترعرع بالدرجة التي سمحت بملاحظة العناصر المشتركة ودرسها بأساليب البحث العلمي ، ولأجل ذلك كان من الطبيعي أيضاً أن تختمر فكرة العناصر المشتركة تدريجاً وتدقّ على مرّ الزمن ؛ حتّى تكتسب صيغتها الصارمة وحدودها الصحيحة ، وتتميّز عن بحوث الفقه وبحوث اصول الدين.
__________________
(١) معارج الاصول : ٤٧
(٢) عدّة الاصول ١ : ٧