ـ مثلاً ـ بأخبار الآحاد ، وقد أدّى الخلط بين علم اصول الدين وعلم اصول الفقه واشتراكهما في كلمة «الاصول» إلى تعميم تلك الفكرة إلى اصول الفقه ، ولهذا نرى الكتب الاصولية ظلّت إلى زمان المحقّق في القرن السابع تعترض على إثبات العناصر المشتركة في عملية الاستنباط بخبر الواحد انطلاقاً من تلك الفكرة.
ونحن نجد في كتاب الذريعة لدى مناقشة الخلط بين اصول الفقه واصول الدين تصوّراتٍ دقيقةً نسبياً ومحدّدةً عن العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ، فقد كتب يقول : «اعلم : أنّ الكلام في اصول الفقه إنّما هو على الحقيقة كلام في أدلّة الفقه ... ، ولا يلزم على ما ذكرناه أن تكون الأدلّة والطرق إلى أحكام وفروع الفقه الموجودة في كتب الفقهاء اصولاً ؛ لأنّ الكلام في اصول الفقه إنّما هو كلام في كيفية دلالة ما يدلّ من هذه الاصول على الأحكام على طريق الجملة دون التفصيل ، وأدلّة الفقهاء إنّما هي على نفس المسائل ، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل» (١).
وهذا النصّ في مصدرٍ من أقدم المصادر الاصولية في التراث الشيعي يحمل بوضوحٍ فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ، ويسمّيها أدلّة الفقه على الإجمال ، ويميِّز بين البحث الاصولي والفقهي على أساس التمييز بين الأدلّة الإجمالية والأدلّة التفصيلية ، أي بين العناصر المشتركة والعناصر الخاصّة في تعبيرنا ، وهذا يعني أنّ فكرة العناصر المشتركة كانت مختمرةً وقتئذٍ الى درجةٍ كبيرة ، والفكرة ذاتها نجدها بعد ذلك عند الشيخ الطوسي وابن زهرة (٢)
__________________
(١) الذريعة الى اصول الشريعة ١ : ٧
(٢) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٤٦١