حتّى دنا منّي ، فقلت : يا هذا ههنا رجلٌ مِن ولد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوك وقد وَصَفك لي ، قال : اذهب بنا إليه ، قال : فجئت به حتّى أناخ بَعيره ناحيةً (١) قريباً مِن الخيمة ، فدعا به فدخل الأعرابيُّ إليه ودنوتُ أنا فصرت إلى باب الخيمة أسمع الكلام ولا أراهم ، فقال أبو عبدالله عليهالسلام : مِن أين قَدِمتَ؟ قال : مِن أقصى اليمن ، قال : أنتَ مِن موضع كذا وكذا؟ قال : نعَم أنا مِن موضع كذا وكذا ، قال : فبما جئتَ ههنا؟ قال : جئت زائراً للحسين عليهالسلام ، فقال أبو عبدالله عليهالسلام : فجئتَ مِن غير حاجةٍ ليس الاّ للزّيارة؟ قال : جئتُ من غير حاجةٍ إلاّّ أنْ اُصلّي عنده وأزوره فاُسلّم عليه وأرجع إلى أهلي ، فقال أبو عبدالله عليهالسلام : وما ترون في زيارته؟ قال : نَرى في زيارته البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا وأموالنا ومعايشنا وقضاء حوائجنا ، قال : فقال أبو عبدالله عليهالسلام : أفلا أزيدك من فَضله فضلاً يا أخا اليمنيّ؟ قال : زدني يا ابن رسول الله ، قال : إنَّ زيارة الحسين عليهالسلام تعدِلُ حَجّةَ مقبولة زاكية مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتعجّب مِن ذلك ، قال : إي والله وحَجَّتين مَبرورَتين متقبّلَتين زاكيتَين مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتعجّب! فلم يزل أبو عبدالله عليهالسلام يزيد حتّى قال : ثلاثين حجّةً مبرورةً متقبِّلة زاكية مع رَسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢).
__________________
١ ـ أناخ الجم أي أبركه.
٢ ـ قال الاُستاذ ـ أيّده الله ـ : المفهوم مِن الخبر أنّ زيارة الحسين عليه السلام في تلك الأزْمنة موجبةٌ لبقاء أصل الدّين الذي انحرف عن الخلفاء وأتباعهم ، وزعموا جلّ النّاس ـ إن لم نقل كلّهم ـ وعامّتهم أنّهم مأمورون باتّباع العلماء الدّاعين المشهورين الّذين كانوا من أعيان الدّولة ، ويزعمون أنّهم على صراط الله الحقّ مع كونهم منحرفين عنه ، كما أنّهم لعنوا أوّل المسلمين ايماناً ، والّذي نزلَتْ آية العصمة في بيته ، بل أوجبوا طاعة الخليفة في لعنه ، مع أنّ الآمر عند العارف بالحقّ لم يؤمن بالله طرفة عين.
فزيارة قبر الحسين عليه السلام المقتول الّذي نزلت فيه آية التّطهير ، وقال النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « حسينٌ منِّي وأنا منه » ، كانت موجبةً لإيضاح انحراف الّذين منعوا من زيارته عن الصّراط السّويّ الّذي بعث به النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وبذلك يعرف الحقّ من الباطل ويبقى الدّين الحقّ على شاكلته ،